عندما نقول مرجعية دينية فاننا نستذكر تلك
الرموز التي قادة الاسلام منذ اللحظة الاولى له, تلك الشخصيات العملاقة التي يعجز
اللسان عن وصفها, من خير البشر محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين
سلام الله عليهم أجمعين, لأنهم كانوا يمثلون الواجهة الحقيقية للاسلام وقيادته,
وكان المسلمون يرجعون لهم في كل شيء صغيرا وكبيرا, سياسيا او غير سياسيا, فكانوا
هم المرجعية القائدة بالفعل, والجميع خاضع ومنقاد لهم, وإذا وجد المخالف فان
موقفهم سلام الله علهم يكون واضح تجاه ذلك المخالف ولا يخضعون له أو لإرادته,
بمعنى اخر كانوا هم المتحكمين بزمام الامور وليس غيرهم.
وبعد توالي السنون والعصور خصوصا بعد وقوع
الغيبة الكبرى لصحاب الطلعة البهية سلام الله عليه, نجد ان الانحراف قد بدأ في
قيادة الاسلام وبدأت تصبح تلك القيادة بمن يمثلها من مراجع دين تتمايل مواقفهم وكل
ما يصدر منهم لأهل السياسة, امثال ابن طاووس الذي ثبت من خلال مواقفه انه منقاد وليس قائد, إذ كان المغول قد اغدقوا
عليه بالعطاء مقابل فتوى اطلقها لصالحهم وصار العوبة بيدهم فكل ما أرادوا ان
يحركوا الشارع المسلم فيكون ذلك التحريك من خلال ذلك المرجع, فهم من يتحكمون به
وهو يتحكم بالمسلمين بفتواه, وهكذا سيطر أهل السياسة والحكام على الناس.
وحال المرجعية الان وخصوصا في العراق كحال
ابن طاووس لافرق بينهما أبدا فالمرجعية الان من يحركها هم اهل السياسة, فلا تصدر
فتوى ولا يصدر موقف من هذه المرجعية إلا بامر من الحكومة والشواهد كثيرة, فلم نرى
ان المرجعية وخصوصا بعد عام 2003 والى اليوم قد إتخذت موقفا مساندا للشعب العراقي
الا في حالات خجولة وبصورة لا تؤثر على علاقتها باهل السياسة, فهي دائما ما تقف
لجانب الحكومة والسياسين أكثر مما تقف في صف الشعب, ولو أردنا ان نعطي شاهدا على ذلك لكان اقرب الشواهد هو موقف المرجعية السلبي
مع الشعب والايجابي جدا مع الحكومة في عام 2011 عندما سعى الشعب للخروج بتظاهرات
تطالب بالاصلاحات والتغيرات في عمل الحكومة فصدرت الفتاوى التي تحرم تلك التظاهرات
بحجج وواهية واهنة اوهن من بيت العنكبوت.
ولو رجعنا قليلا بالزمن الى أيام الاحتلال
الامريكي للعراق لوجدنا ومن خلال ما تناقله المحتلين أنفسهم كيف ان المرجعية قد
خدمت الاحتلال وقواته وحكومته المدنية برئاسة برايمر مقابل حفنة من الدولارات (200
مليون دولار أمريكي) حتى ان المرجعية وصفت المحتلين بــ (قوات صديقة, قوات تحالف)!!!
لم تصرح ولم تنطق كلمة (احتلال) مطلقا كي لا يفسرها البعض على انها تمقت الوجود
الامريكي في العراق, خدمت المحتلين حتى في اللفظ, واستمرت في خدمة الحكومات
بفسادها ومفاسدها والى يومنا هذا, وهي الان تصرح بفساد تلك الحكومات, وتدعوا الى
انتخاب المفسدين ايضا, والدليل على ذلك ان المرجعية الان تطالب بتغير الاشخاص فقط وليس
قوائم أو كتل أو أحزاب!! لماذا تغير الاشخاص فقط ؟! وسياسية تلك الكتل والاحزاب والقوائم
الفاسدة أين ذهبت؟ هل نبقي عليها ونغير فقط بالأشخاص؟ نغير فقط وجوه من يتحكمون
بالسياسة ؟ هذه خدمة جديدة تقدمها المرجعية لأهل السياسة.
يقول السيد الصرخي الحسني في محاضرته
العقائدية التاريخية الحادية عشر...{... المرجعية مرجعية
مسيسة يحركها أهل السياسة، الآن نفس تفسير الحكومة الفاسدة التي حرضوا عليها, الآن
إذا الحكومة انبطحت للمرجعية وقدمت لها ما تريد، تحافظ على الواجهة وعلى السمعة، لا
يطرح مرجعية اخرى خارجة فلان او فلان تنافس المرجعية، هنا سيكون هذا الرئيس أو تكون
هذه الحكومة هي الحكومة العادلة وهي التي تنتصر للمذهب وتحقق للمذهب, هو صراع سياسي،
أحقر ما يكون علينا كمراجع أدخلنا انفسنا في السياسة وأقحمنا أنفسنا في السياسة وصرنا
منقادين لا قائدين..}.
هذه المواقف وغيرها تؤيد وتؤكد ان المرجعية
الدينية في النجف هي أداة يحركها أهل السياسة اين ماشاؤا وكيفما شاؤا, حتى صار
تقلب أراء المرجعية تجاه كل ما يجري من أحداث واضحا وضوحا بديهيا وهذا التقلب حسب
اراء ورغبات وأهواء أهل السياسة مقابل منافع مالية ومصالح شخصية.
الكاتب :: احمد الملا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق