ان المشركين والكافرين في زمن الجاهلية كانوا
يتاجرون بالدين, رب سائل يسأل وأي دين كان عند هؤلاء فهم مشركون وكافرون, فالجواب
هو دين عبادة الاصنام والاوثان دون الله سبحانه وتعالى, فقد كانت تجارتهم قائمة
على بيع الاصنام والاوثان التي ينحتونها بأيديهم, وكان الخوف على بوار تجارتهم هو
من اهم الاسباب التي دفعتهم لمحاربة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم عندما
جاء بدين الاسلام الذي سبب لهم الخسارة المادية وكساد تجارتهم وبوارها.
لكن للاسف ان هذه الحالة لم تنتهي ولم تزول
بعد ان جاء الاسلام, فقد اصبحت المتاجرة بالدين امر رائج جدا, فهناك حتى ان أهل
البيت سلام الله عليهم نهوا عن الاستئكال والمتاجرة بالدين ومن قبلهم الرسول
الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
- قال تعالى {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ
يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ
بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ
مِّمَّا يَكْسِبُونَ } البقرة79 .
-الكليني، عن الحسين بن
محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء،
عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبد الله عليه السلام
قال : من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له من الآخرة نصيب ، ومن أراد به
خير الآخرة أعطاه الله خير الدنيا والآخرة.
-الصدوق، عن حمزة
بن محمد العلوي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن
محمد ، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام قال : من قرأ القرآن ليأكل به الناس جاء يوم
القيامة ووجهه عظم لا لحم فيه.
-الصدوق، عن حمزة
بن محمد بن أحمد الطوسي، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن خالد البرقي، عن خلف
بن حماد، عن معاوية بن وهب قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : الشيعة ثلاث : محب
واد فهو منا، ومتزين بنا ونحن زين لمن تزين بنا، ومستأكل بنا الناس ومن استأكل بنا
افتقر .
فقد كان البعض يكتب شيئا من الكلام ويقول هذا
من عند الله ويبيعه على الناس, هذا نوع من المتاجرة والاستئكال بالدين, وكان البعض
الاخر في زمن اهل البيت عليهم السلام يستئكلون الناس بالدين من امثال ابي الخطاب
الذي كان يتأول الكلام على الامام الصادق عليه السلام لكي ياخذ الاموال من الناس,
بحجة انه مكلف من الامام بجمع الاموال وما شاكل ذلك,.
واستمر هذا الحال حتى يومنا هذا اذ اصبح
الاستئكال بالدين يأخذ انواع واشكال مختلفة ومتعددة منها اصطناع الوجاهة
الدينية طلباً للسمعة والمقام المحمود عند الناس، واستجلاباً لحظوظ الدنيا من حشد الأتباع،
وجمع الأموال من الحقوق الشرعية ومن اعتلاء المنابر " خطباء وقراء ورواديد", بالاضافة
الى فتح قنوات فضائية بأسم الدين وبأسم أهل البيت سلام الله عليهم واستغلال هذا
الاسم من اجل الحصول على اموال من الناس تحت عنوان التبرعات والمساهمات في تطوير
تلك القنوات !! والشكل الاخر هو الاستئكال باسم الامام الحسين عليه السلام فالكثير
يجمع التبرعات والاموال تحت عنوان تهئية المواكب للزائرين, لكن بعض من يجمع تلك
التبرعات ينفقها على نفسه وليس للغرض الذي جمعت من اجله, وشكل اخر من أشكال
الاستئكال هو عنوان التبرعات للايتام ويجري فيها ما يجري في تبرعات المواكب
وغيرها, والكثير من انواع الاستئكال والاسترزاق بالدين.
يقول السيد الصرخي الحسني في محاضرته
العقائدية التاريخية الرابعة عشر ...{... لاحظ الذي يعبد
الله من اجل الارتزاق ويستأكل به الناس ستقول الرواية: الى نار جهنم، فكيف من يستأكل
الناس باسم الحسين؟ من اين هذه الخديعة التي تقول حتى لو كانت رياءا تذهب الى الجنة
وعملك مقبول ! من اين تأتي بهذه الروايات الكاذبة بهذه الروايات الموضوعة بهذه الروايات
التي لا نقبل بها ؟, عبودية الله سبحانه وتعالى
لا تقبل اذا كانت على نهج الاستئكال فكيف اذا كانت ولاية الحسين او محبة الحسين او
تعظيم شعيرة الحسين تُقبل وتدخل الجنة اذا كانت على نحو الاستأكل كيف نقبل بهذا ؟, لا تستغلوا اسم
الحسين وآل الحسين لا تستغلوا اهل البيت وآل البيت وتستأكلوا الناس وتأخذوا اموال الناس
وتسرقوا اموال الناس وترتزقوا على اموال الناس, يا صاحب المنبر يا سيد فلان يا شيخ
فلان يا ايها الرادود يا ايها العلامة، التأكل باسم اهل البيت كفر، التأكل باسم الامام
القائم كفر، التأكل بعنوان الانتظار كفر، التأكل باسم الدين والتدين كفر...}.
فقد روي عن انس ابن مالك عن الرسول الخاتم
محمد صلى الله عليه وآله وسلم انه قال { إذا كان آخر الزمان
صارت أمتي ثلاث فرق : فرقة يعبدون الله خالصا، وفرقة يعبدون الله رياء، وفرقة يعبدون
الله يستأكلون به الناس..}, وهذا ما نعيشه اليوم بالفعل فالكثير يعبدون الله من
أجل الاستئكال والاسترزاق والمتاجرة بالدين, فذاك يدعي المرجعية من أجل الحصول على
اموال الخمس والزكاة وبقية الحقوق الشرعية, وذاك يستغل اسم الحسين ومنبر الحسين من
أجل الحصول الامول, وذاك يدعي انه امام او سفير امام او وصي امام من اجل الاموال,
هذا هو المكر والخداع والتستر بالدين هؤلاء هم المرتزقة باسم الدين, وهو ديدن
المشركين والكافرين في زمن الجاهلية.
الكاتب :: احمد الملا