الأثر للشيء هو
ما يدل على وجوده,وهو العلامة والدليل والبرهان على وجود ذلك الشيء, ومن خلاله
يكون الاستدلال على وجود الشيء من عدمه,فمثلا كيف تمت معرفة وجود دول وحضارات
قديمة في العراق ؟ فيكون الجواب هو تم معرفة ذلك من خلال الآثار التي تم اكتشافها,وهي دليل
وجودها, ومن هنا جاءت تسمية " الآثار " والتي تعني العلامات والدلائل
التي تؤكد وجود تلك الدول والحضارات في العراق سابقا.
وقد أكد الإسلام بصورة عامة على الأثر
والبرهان والدليل العلمي الذي من خلاله تتم معرفة حقائق الأمور "بالإثبات أو
النفي " و بصورة قطعية يقينية,لذا نرى إن الإسلام قد أعطى الدليل العلمي وطالب
به أيضا من كل صاحب دعوة ونذكر بعض من الآيات القرآنية المباركة والروايات الشريف
التي تؤيد ذلك الأمر...
-
قوله تعالى { وَقَالُواْ
لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ
قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } البقرة111 .
-
قوله تعالى {أَمِ
اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ
وَذِكْرُ مَن قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُم مُّعْرِضُونَ
} الأنبياء24 .
-
قوله تعالى {أَمَّن
يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } النمل64 .
-
قول رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم { إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَعُ فِي أُمَّتِي فَعَلَى الْعَالِمِ
أَنْ يُظْهِرَ عَلِمَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ
وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ، لا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلا عَدْلٌ } .
فمن خلال هذه الآيات وحديث الرسول الكريم
محمد صلى الله عليه وآله وسلم وكذلك من خلال دليله القرآن الذي اثبت من خلاله
نبوته وصدق دعوته يثبت لنا أن يجب على كل صاحب دعوة أن يطرح أو يضع أثرا يؤكد
ويؤيد ويثبت صدق دعوته وإلا فإنه مجرد مدعِ ودعوته مجردة وخاوية من كل حقيقة,
وعجزه عن الإتيان بذلك الأثر والدليل يؤكد ويثبت أنه على خلاف دعوته, بمعنى أخر
ومثال للتوضيح مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة كانت دعوته مجردة وخالية من الأثر
والدليل على صدقها, وهذا بحد ذاته دليل واثر على انه كذاب.
لذا يكون على كل صاحب دعوة أن يأتي بما بالأثر
والدليل والبرهان العلمي العقلي الشرعي الذي يؤكد دعوته ولا يكتفي بمجرد الدعوة
لان عجزه عن الإتيان بذلك تجعله خارج نطاق العلم والاعلمية,وهذا ما ذهب أليه سماحة
السيد الصرخي الحسني " دام ظله " في محاضرته التاريخية العقائدية
الثانية التي ألقاها في يوم الخميس المصادف 6 / ربيع الثاني / 1435 هـ والموافق 6
/ 2/ 2014 م .
إذ وضح سماحته " دام ظله " أهمية الأثر
والدليل العلمي عند العالم وضرورة امتلاك ذلك الأثر العلمي ... إذ قال " دام
ظله " ما نصه ....
{ ... من أثار الأرض,عندما تقدم على شراء أرض
للزراعة تذهب إلى الأرض,تقلب الأرض,تجد صلاحية الأرض, من أين تتكون, المياه, مصادر
المياه, فإذا كانت الأرض تحكي عن نفسها,الأرض لها آثار, تقول لمن يقدم على الشراء
هذه صالحة للزراعة وهذه غير صالحة للزراعة, فما هي أثار العالم ؟ كيف تعرف العالم
؟ كيف تتفاعل مع العالم ؟ كيف تناقش العالم ؟ فعندما لا يمتلك للعالم أي أثر في
الخارج فكيف يكون النقاش مع هذا العالم ؟ هذه قضية المفروض تكون عندنا معروفة, أول
شيء تطرح الأثر وبعد هذا تكون المقارنة بين الآثار,أما من لا يمتلك الأثر أصلا
فهذا لا يدخل في مقام المناظرة والنقاش...}.
فقد استدل سماحته " دام ظله "
بمثال بسيط جدا وهو الأرض الصماء التي لا تعقل ولا تفكر ولا تملك أي دعوة التي
تملك الأثر على صلاحيتها للزارعة أو لا, فما بالك بالأشخاص الذين يدعون العلم
والأعلمية ؟؟ أليس الأحرى بهم أن يمتلكوا ذلك الأثر والدليل والبرهان على دعوتهم
وصدقها وصحتها ؟ وإلا فأنهم مجرد أدعياء وهم خارج نطاق العلم فضلا عن الاعلمية .
الكاتب :: احمد الملا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق