احمد الملا
انقضت أكثر من خمسة أسابيع على التظاهرات التي
شهدتها المحافظات الوسطى والجنوبية في العراق, والتي كان مطلبها الرئيسي هو القضاء
على الفساد الذي استشرى في كل مفاصل الدولة ومؤسساتها, وبصورة انعكست سلباً على
حياة الفرد العراقي, حيث انعدام أبسط مقومات الحياة, بالإضافة لاتساع رقعة الثراء
الفاحش بين طبقة السياسيين وذويهم على حساب الشعب, ويرافق ذلك صمت وسكوت مرجعية
النجف إزاء هذا الفساد المستشري, لذا انتفض الشعب لنفسه وقرر أن يصلح ما أفسده
الساسة ومن دعمهم من مرجعيات دينية.
الأمر الذي دفع برئيس الوزراء العراقي حيدر
العبادي بأن يعلن عن اتخاذه مجموعة من الخطوات " الإصلاحية " من شأنها أن
تقصي عدد ليس بقليل من الساسة المفسدين من مناصبهم التي كانت تمثل اكبر مورد مالي
لهم, كما تتيح لهم إمكانية إصدار القرارات التي تتلائم ومصالحهم ومصالح الدول التي
تقف خلفهم, وهذا الأمر الذي لم ينل استحسان هؤلاء المفسدين, لذا اخذوا يتحركون وباتجاهين
ضد هذه الإصلاحات, رغم إنها لم تأخذ حيز التنفيد إلى الآن وهي كما يقال مجرد
" حبر على ورق " .
فالاتجاه الأول وهو الاتجاه السياسي, حيث وضع
بعض السياسيين عراقيل أمام العبادي والوقوف ضده رغم مطالبة الجماهير العراقية بها,
ومثال ذلك مسألة القضاء العراقي, الذي طالب العراقيون بإقالة رئيسه, لكن جميع
السياسسين والبرلمانيين عارضوا العبادي وإرادة الشعب في ذلك الملف, وأبدوا دعمهم
لمدحت المحمود المتهم الأول في وقوفه مع المفسدين, الأمر الذي أضطر العبادي بان
يصرح بأنه لا يملك الصلاحية بإقالة " المحمود " من منصبه.
أما الاتجاه الثاني, فهو تحريك المليشيات
والتي تمثل الجناح العسكري لبعض الأحزاب, وبعض منها يمثل نشاط دول إقليمية في
العراق كإيران, حيث أخذت هذه المليشيات بافتعال الأزمات الأمنية, كما حصل في بغداد
قبل بضعة أيام من أزمة أمنية قامت بها " كتائب حزب الله " وكذلك
التهديدات الصريحة والعلنية التي أطلقتها تلك المليشيات لأي حركة إصلاحية تطال بعض
الرموز السياسية وبالخصوص " نوري المالكي " حيث هددت عصائب أهل الحق
العبادي وحكومته من مغبة تقديم المالكي للمحاكمة على ضوء تقرير لجنة سقوط الموصل,
حيث خلصت تحقيقاتها إلى إن المتسبب الأول في سقوط تلك المحافظة هو المالكي, بالإضافة
إلى التهديد الصريح من قبل الأمانة العامة للحشد الشعبي الذي عبرت عنه في بيان حيث
هددت أي محاولة تمس " القضاء الفاسد " أو أي مسعى لإقالة مدحت المحمود رئيس مجلس
القضاء الأعلى.
وهنا أصبح العبادي بين مطرقة مطالب
المتظاهرين والتي تزداد أسبوعاً بعد أخر وجمعة بعد أخرى, وبين سندان المليشيات والأحزاب
السياسية, ولهذا نجد إن العبادي قد أذعن للكفة الأكثر قوة وهي كفة الأحزاب
والمليشيات التي تهدده بين الحين والأخر, وأتخذ مبدأ " التخدير " كما
يعبر المتظاهرون, فمنذ بداية التظاهرات نجد العبادي يماطل ويصدر القرارات التي لم
تطبق وإطلاق الوعود, إلا بعض الإجراءات التي لا تعد أن تكون بالفعل إصلاحية, وهنا نتساءل
إلى متى يستمر هذا التسويف والمماطلة ؟! وإلى متى الرضوخ لإرادة الأحزاب
والمليشيات ؟! فلينظر العبادي إلى الفوران الشعبي الذي سيزيح المليشيات والأحزاب
وكل فاسد ومفسد في لحظة ما, ولن يستثنِ أحد وإن كان العبادي مالم يقف مع الشعب.
وهل يعلم العبادي بان هذا التسويف يعطي
الحافز الأكبر للعراقيين في إستمرار التظاهرات المطالبة بكنس المفسدين جميعاً,
وهنا أذكر الجميع برسالة المتظاهر والناشط الصرخي الحسني التي حملت عنوان "
من الحكم الديني ( اللاديني ) ... إلى ...
الحكم المدني " والتي شدد فيها على ضرورة ديمومة التظاهرات وعدم التراجع حتى
تحقيق كل المطالب, حيث قال فيها ...
{{ ... 8ـ اِنَّ اِفشالَ
المخطَّط التخريبي في تحويل البلاد إلى شريعة الغابِ الأكثر توحُّشا وفَتْكاً بالعباد
والبلاد هو انجازٌ عظيمٌ ورائعٌ لكن لا يصح التوقف عنده بل لابد من إدامة الزخم والمثابرة
في العمل، فانتم تصنعون التاريخ للعراق وانتم تحقّقون المعجزة لو أصررتم وثبتّم .
9ـ أعزائي فَخَري
العالمُ كلُّه ينظرُ إليكم وينتظرُ انجازاتِكم وانتصاراتِكم فلا يهمّكم نباحُ النابحين
الذين يصِفونَكم بأوصافٍ هم أوْلى بها ، ونأمل من الشعب العراقي أن يهب بكل فئاته لمؤازرة
أبنائه المتظاهرين كما نطلب من الشعوب العربية والإعلام الحر النزيه المؤازرة والنصرة
.
10ـ أعزائي منكم
نتعلم وبكم نقتدي أيها المتظاهرون المصلحون هذه نصيحتي لكم فاعْقُلوها ولا تضيّعوا
جهودكم وجهودَ مَن سمِع لكم وخرج معكم وايَّدكم ودعا لكم واهتم لخروجكم وآزركم فلا
تخذلوهم ولا تخيبوا آمالهم لا تتخلوا عن العراق الجريح وشعبه المظلوم ،ايّاكم اِياكم
لان التراجع يعني الخسران والضياع وان القادم أسوأ وأسوأ فالحذر الحذر الحذر
ولا ننسى أبداً
هتافات أفواه وضمير وقلوب الجماهير المظلومة المسحوقة ( باسم الدين.. باگونة الحرامية) ...}}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق