احمد الملا
ينظر أغلب العراقيين الآن إلى مرجعية النجف
على أنها هي المتحكمة بزمام الأمور في العراق فهي من تضع رئيساً للوزراء وهي من تقيله
حسب توجيهاتها, وهي من تعطي الضوء الأخضر للحكومة في أي شيء تراه مناسب وهي من تمنع
الحكومة من اتخاذ أي خطوة فيها ضرر للشعب, حتى وصفها بعضهم بأنها هي " صمام الأمان
في العراق " وهذا الأمر في الحقيقة يدين مرجعية النجف والتي نقصد بها مرجعية السيستاني,
فكل ما صدر منها وعلى مدى السنوات الثلاثة عشر الماضية أي منذ سقوط النظام السابق وإلى
يومنا هذا لم يسبب للشعب سوى الويل والثبور والجوع والفقر والعوز والحرمان من أبسط
مقومات الحياة, حتى بات العراقيون يفضلون الهجرة لبلاد الغربة على البقاء في وطنهم
العراق.
فمن يراجع تاريخ تدخلات مرجعية السيستاني
في الشأن العراقي, يجد كل ما صدر منها هو سبباً في معاناة العراقيين, فهي من أوجب انتخاب
المفسدين والقوائم الشيعية الكبيرة خصوصاً قائمة الشمعة "169" وقائمة التحالف
الشيعي "555" تلك القائمتين التي أصبح قادتها ابرز المطلوبين للشعب بتهم
الفساد, وهي من أوجب التصويت بــ" نعم " على الدستور الذي أثقل كاهل المواطن
العراقي بفقراته المرنة التي يسهل التلاعب بها من قبل ساسة الفساد, وهي من حرم التظاهر
ضد المفسدين عام 2011 م حتى استفحلوا على الشعب وصنعوا دكتاتوريات مبنية على حق الدم
والمجازر وبالاختلاس وسرقة المال العام, حتى إنها ركبت موجة التظاهرات العراقية الحالية
خوفاً على مكانتها ومنصبها, فهي لم تأمر بمحاسبة المفسدين ولم تطالب الحكومة بإتخاذ
أي خطوة إصلاحية إلا بعدما إنتفض الشعب لنفسه وجاءت بعد ذلك لتركب موجة التظاهرات,
وتبين نفسها بأنها هي " صمام الأمان " الذي بفضله ضاع الأمان في العراق!!.
ومن التبريرات التي إتخذتها تلك المرجعية
وكذلك من لاذ بعباءتها, من أجل درء مخاطر تحملها
وتنصلها من مسؤليتها المباشرة عن تسلط المفسدين على رقاب الناس ومقدرات الوطن, إنها
قد صرحت في وقت سابق دعت إلى " عدم تجريب المجرب " وإنها دعت لعدم انتخاب
المفسدين ممن جربهم العراقيين و دعت لانتخاب غيرهم ولكن من الائتلاف الشيعي ذاته ومن
القائمة الكبيرة ذاتها ؟؟!! فأي دعوة تغيير هذه ؟ إذا كان التحالف الشيعي برمته فاسد
ومفسد وكما يقولون " النخبة والصفوة " من هذا التحالف هم عرابيّ الفساد وسرقة
المال العام, فأي دعوة تلك ؟ وهل تعتبر دعوة لتغيير الفساد أم إنها دعوة لتغيير وجوه
الفساد ؟!.
ومع ذلك أصبحت دعوة " عدم تجريب المجرب
" هي الشماعة التي علقت تلك المرجعية ومن تستر بها للتبرير والدفع عن تحملها مسؤولية
ما يحصل للعراقيين, وهنا نحن كمثقفين عراقيين ندعو أبناء الشعب جميعاً لتطبيق هذا المبدأ
ودعم هذه الدعوة " عدم تجريب المجرب " التي أطلقتها مرجعية النجف وتشدقت
بها, ونلزمها بما ألزمت نفسها به, فنحن كشعب عراقي جربنا مرجعية النجف من حيث المواقف
والتدخلات والتي لم تجلب لنا سوى الويلات والمآسي.
منذ سقوط النظام السابق وليومنا هذا, وجربنا كل من
زارها و جلس في دارها من سياسيين وقيادات, حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم, فصار الشعب
مابين مقتول ومهجر ومعتقل وأخر هاجر لبلاد الغرب وأخر يعيش تحت وطأة الفقر والجوع والحرمان,
فحان وقت تجريب من لم نجربه, ندعو العراقيين جميعاً إلى ركن مرجعية النجف " السيستاني
" على جانب ونضعها في خانة " المجربات " وننتقل إلى المرجعية العراقية
العربية المتمثلة بالمرجع الصرخي الحسني ونضعه في خانة " التجربة " على الرغم
من أن مواقفه سبقتنا بكثير ولها دور كبير في تطوير العراق ورفاهية شعبه في ما لو طبقت.
فلنجرب المرجعية الوطنية, لنجرب المنتج
الوطني, ونترك ما جربناه من مرجعيات غير عراقية, إنتاج إيراني مستورد, ونلاحظ الفرق,
فلنجرب على الأقل المواقف الأخيرة التي صدرت من المرجع العراقي الصرخي, كمشروع خلاص,
الذي فيه خلاص العراق وشعبه من كل المآسي والويلات والمحن, وخروج من سطوة المحتلين
– إيران أو أمريكا – وتحرر من قبضة المفسدين والمليشياويين والتكفيريين, لنطبق دعوته
في تطبيق الحكم المدني العادل والمنصف عوضاً عن الحكم الديني " اللاديني
" لان فيه وكما يقول المرجع الصرخي " يحفظ فيه كرامة العراقي وإنسانيته وتمتُّعِه
بخيراته بسلامٍ واَمْنٍ وأمان " .
فنحن لم نجرب تطبيق أراء ومواقف المرجع
الصرخي سابقاً, وكنا بصورة إجمالية نطبق ما صدر من السيستاني ومؤسسته ولم نصل إلى أي
نتيجة مرضية, فلنجرب ما لم نجربه سابقاً وفي الوقت ذاته نحن نكون مطبقين لما صدر من
السيستاني وألزمنا مرجعيته بما ألزمت نفسها به.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق