احمد الملا
تعد التظاهرات
التي اجتاحت أغلب المحافظات العراقية خصوصا في مناطق الوسط والجنوب, من المظاهر الصحية
التي تشير وبوضوح إلى مدى وعي الشارع العراقي وإدراكه لحقيقة واقعية وهي استشراء الفساد
إلى مرحلة لا يمكن السكوت عنها, وقد فهم العراقيون إنهم الآن لا يحتاجون إلى إذن أو
فتوى أو توجيه بالخروج للمطالبة بحقوقهم التي سلبها ونهبها تجار الفساد من سياسيين.
وهذا الأمر دفع
بالكثير من الجهات الدينية والسياسية بان تسعى إلى استغلال هذا الفوران الشعبي وركوب
موجته وتجييره لمصالحها الشخصية والحزبية, كي يحقق مكسبا إعلامياً يتخذه كرصيد انتخابي
أو على الأقل يضمن من خلاله بقاءه في السلطة, فتجد من أطلق النار على المتظاهرين بالأمس
في محافظة البصرة وقتل شابا في ريعان شبابه, وأتهم كل من يتظاهر من أجل حقوقه اتهمه
بالإرهاب والدعشنة, نراه اليوم خرج هاتفا بالتضامن مع المتظاهرين وينادي بتحقيق مطالبهم,
فما حدى بما بدى ؟ وماهو السبب في انقلاب هذا الموقف ؟.
ويخرج أخر ليستغل
هذه الثورة الشعبية ضد الفساد والمفسدين, ويحاول أن يؤسس ويروج لقضية تحويل نظام الحكم
من برلماني إلى رئاسي, ويهدد الحكومة بذلك بعد أن وصفها بالضعيفة, وكأن المتظاهرين
خرجوا باسمه ؟!.
وقبل هؤلاء خرجت
مرجعية النجف لتقول " للصبر حدود " بعد أن تذمر وتململ الشارع ووصل به الأمر
لدرجة الغليان تزامنا مع غليان الطقس وشمسه اللاهبة, وما تصريحها هذا إلا من أجل الظهور
الإعلامي ومصادرة جهود المتظاهرين, فلو كانت بالفعل هي حريصة على الشعب لكان خطابها
هذا قد سبق خروج العراقيين بهذه التظاهرات, فلماذا فضت بكارة صمتها بعد تصاعد وتيرة
المظاهرات وليس قبل ذلك ؟! لماذا هذا الصمت الطويل والسكوت عن الفساد والمفسدين كل
هذه الفترة ولم تنطق ببنت شفة إلا بعدما اجبرها المتظاهرون على النطق بعبارات تكاد
تكون اخجل من الخجولة ؟!.
فهذا دليل واضح
على إن مرجعية النجف تريد من خلال هذه التصريحات أن تركب الموجة وتنسب لنفسها نصر المتظاهرين
وجهودهم هذا من جهة ومن جهة أخرى تحاول أن تبعد الأنظار عنها كونها هي المؤسس الأول
للفساد وذلك من خلال إصدارها فتوى أوجبت من خلالها انتخاب قوائم التحالف الشيعي الكبيرة
ومن ضمنها قائمة المفسد الأول المالكي وروجت لهم من خلال تعطيل الدراسة في حوزاتها
وإرسال طلبتها إلى مناطق الوسط والجنوب للتثقيف لهذه القائمة بالتحديد, وهذا هو الالتفاف
على الشعب بحد ذاته ومحاولة مصادرة ثورته السلمية ضد المفسدين وسراق المال العام.
فهذه المساعي الواضحة
من قبل رموز دينية وقادة أحزاب ومليشيات وسياسيين باتت واضحة ومكشوفة وتوجب الحذر منها
كي لا تصادر وتجيير جهود المتظاهرين لصالحهم ومنافعهم ومكاسبهم الشخصية, وهذا ما حذر
منه المرجع العراقي الصرخي في بيان " الكهرباء ... أو الأطفال والنساء والدماء
" الذي أصدره بتاريخ الأحد 2/ 8/ 2015 حيث قال ...
{{...5ـ نحن معكم
بكل ما أوتينا ، ونطالبُ بما تطالبون به ، ولكن نسألُ ما هو موقِفُكم ورَدُّ فعلِكم
عندما تعلَمون وتتيقَّنون أنَّ بعضَ الجهات المحرِّكة للتظاهرات لم يكن تحريكُها من
أجلِكم بل لكي تضغط على الجهات المنافسة في الحكومة والسلطة فتسقطها فتكون هي البديلة
عنها فيحصل هذا الحزب أو هذه الميليشيا أو هذه الدولة على مرادِها في السلطة فتتسلط
بدل السلطة الحالية ، وأنتم ترجعونَ بخُفّي حُنَينْ ، فلا تحصلون على شيء ؟!!
...}}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق