احمد الملا
تعد العتبات المقدسة في العراق خصوصا في
محافظة كربلاء والنجف وبغداد وسامراء والحلة من أهم مصادر الثروة العراقية إضافة إلى
الثروة النفطية والزراعية والصناعية, وذلك باعتبارها مناطق ذات جذب سياحي ديني, حيث تصل لها الأموال الطائلة على شكل هدايا ونذور بالإضافة
واردات " الصندوق " أي صندوق الضريح أو الشباك, إضافة إلى العائدات المالية
الكبيرة من الأراضي الزراعية و حظائر المواشي والبساتين وعائدات المؤسسات الصحية و
الخدمية ومشاريع استثمارية إنتاجية وبساتين والعقارات والأراضي والمصانع التحويلية
التابعة للعتبات المقدسة, بالإضافة لأموال التبرعات والهدايا والنذور المادية والعينية
التي تصل من داخل وخارج العراق إضافة إلى المنح التي هي بالمليارات المقدمة من رئاسة
مجلس الوزراء لإرضاء هذه الحفنة الفاسدة المستحوذة والمسيطرة على تلك العتبات, حيث
تصل تلك الأموال بالمجموع إلى مليارات الدنانير شهرياً.
لكن أين تذهب تلك الأموال الطائلة ؟ وعلى
ماذا تصرف عائدات هذه المشاريع والأموال التابعة للعتبات المقدسة ؟ خصوصاً عائدات الحضرتين
الحسينية والعباسية الشريفتين ؟ فالكل يسمع بالمشروع الفلاني والمزرعة الفلانية التابعة
للحضرة الحسينية أو العباسية ولكن أين تذهب واردات هذه المشاريع ؟ من هو المسيطر عليها
؟ من هو صاحب الحق في التصرف بها ؟ وعلى ماذا يصرفها ؟ هل يصل للحكومة العراقية نصيباً
منها ؟ هل توزع تلك الأموال على الفقراء من الشعب ؟ هل تساهم تلك الأموال في رفد خزينة
الدولة العامة ؟!.
حقيقة الأمر إن أموال العتبات المقدسة تصرف
وبشكل مفتوح وبدون محاسبة على المنتسبين والقائمين على إدارة العتبات من رجال تستروا
بالدين ومن يقف خلفهم من مؤسسات ومرجعيات دينية, حيث تحول هذه الأموال إلى حسابات شخصية
في البنوك والمصارف الدولية الخارجية, وتحول إلى مؤسسات في الخارج كمؤسسة الخوئي في
لندن, هكذا يتم استغلال العتبات المقدسة ووارداتها الخاصة بالشعب العراقي, والشعب للأسف
تنطلي عليه حيل وكذب المفترين السراق ممن يتسترون بزي الدين, الذين يسرقون خيرات وأموال
العراق ويتلاعبون بها بشكل يوافق ويتناغم مع مصالحهم الشخصية ومصالح أسيادهم, فيسرقون
أموال الناس بحجة ترميم وتوسيع العتبات, وتشييد المؤسسات التي تعود بمنافع شخصية لهم
تحت مسميات كاذبة وخداعة.
وهاهو اليوم العراق يمر بأزمة مالية خانقة
بسبب فساد السياسيين الذين أوجبت المؤسسة الدينية في النجف انتخابهم, وهي ما زالت تحاول
أن تنأى بما تجنيه من عائدات تلك العتبات بعيداً عن الدولة والشعب ؟! ولنا في تصريحات
عبد المهدي الكربلائي الأخيرة خير شاهد, حيث طالب في خطبة الجمعة من الحكومة العراقية
أن تهتم بالجانب الزراعي والصناعي من أجل دعم اقتصاد البلد, ولم يتطرق إلى جانب السياحة
الدينية وواردات العتبات المقدسة ؟! فهؤلاء الشرذمة المفسدون يسعون إلى الدفع بالدولة
وبالشعب بعيداً عن التفكير بجعل العتبات تحت إشراف الدولة خوفاً على ضياع وفقدان هذا
المصدر المالي العملاق!!, فلو كانت المؤسسة الدينية في النجف وكل من عمل في إدارة العتبات
المقدسة - اللاأمناء- بالفعل حريصون على الشعب العراق ويهمهم أمره لسلموا إدارة تلك
العتبات ووارداتها للدولة لترفد خزينتها العامة خصوصا والبلد يمر في ظرف استثنائي وخاص
وحالة من الضائقة المالية.
ثم لماذا هذا الاستحواذ على ذلك الرافد
الاقتصادي والمالي المهم من قبل طبقة وشريحة معينة من الناس, ويحرم الملايين من خيراتها
؟ بينما هي بالأساس ملك عام وخاص بالشعب العراقي أجمعه وليس لشخص معين ؟! ومن المتعارف
عليه إن كل شيء عام تعود تبعيته للدولة وليس لأشخاص, ومن هنا نطالب بأن تكون العتبات
المقدسة في كل محافظات العراق تحت إشراف مباشر من قبل الدولة العراقية من اجل المصلحة
العامة, وإنقاذ تلك العتبات من زمرة الفساد المتسترة باسم الدين.
وفي الوقت ذاته نشد ونؤيد على دعوة المرجع
الصرخي التي وجهها للحكومة وللشعب العراقي خلال لقائه مع قناة التغيير الفضائية والتي
طالب فيها " أن تكون الدولة ومؤسساتها
هي المسؤولة عن حماية العتبات المقدسة التي يجب أن تكون منزوعة السلاح وخالية من الميليشيات
المؤتمرة بأوامر رجال الدين المتسلطين عليها، كما طالب بأن تتصدى الحكومة لتشكيل لجنة
مستقلة من الأمناء الشرفاء ورؤساء العشائر والإعلاميين والقانونيين ومؤسسات المجتمع
المدني للإشراف على أموال هذه المراقد وصرفها على إعمارها وفي شؤون كل العراقيين المهاجرين
والنازحين والمهجرين والفقراء والمساكين والأيتام والأرامل وضحايا الاحتلال الأمريكي
والإيراني وضحايا الإرهاب المليشياوي والتكفيري " .
فإذا أصبحت تلك العتبات المقدسة تحت تصرف
الدولة العراقية, وتضاف وارداتها وعائداتها المالية الهائلة والتي تقدر بملايين الدولارات
- إن لم تكن مليارات - سنوياً, بالإضافة إلى
تفعيل القطاع الزراعي والصناعي, فإن العراق لن يصاب بأي أزمة اقتصادية أو مالية والشعب
العراقي سيعيش بحالة من الرفاهية الاقتصادية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق