احمد الملا
بتطور الزمن تطورت أشكال وأنواع وأساليب
الاستعمار أو الاحتلال, فبعد ان كان الاحتلال يأخذ الشكل الاستيطان والاحتلال الصريح
لهذا البلد أو ذاك ويرافقه تواجد عسكري كبير لدولة الاحتلال, وهذا يسبب للدول المستعمرة
الكثير من الاستنزاف في كل المجالات البشرية والمالية والاقتصادية, لذلك لجأت هذه الدول
إلى استحداث طرق جديدة للاحتلال, ومنها الاحتلال الفكري الذي يجعل الدول التي تتعرض
له تقبل بالمحتل مهما كان مادام مسيطراً عليها فكريا, أي انه يستخدم أسلوب التلون بصبغة
الدين أو العقيدة للشعب المحتل بشكل يجعل هذا المحتل يكون وليا حميما بسبب ادعاءه هذا
الأمر, وبينما هو كذلك يكون كل ما يصدر من هذا الاحتلال مشرعن ويكسب السكوت والإمضاء
من غالبية الشعب المحتل, فتحصل المجازر والمذابح والمفاسد وتنتهك الحريات وتهان كرامة
الإنسان من قبل هذا المحتل أمام مرأى ومسمع الشعب وقادته ورموزه دون أن يحرك ساكنا
والعذر في ذلك هو إن هذه الدولة جاءت من اجل العقيدة والدفاع عنها والحفاظ على مقدسات
هذا الشعب لأنها على المنهج والعقيدة ذاتها.
أما إذا كان المحتل على دين أو عقيدة تختلف
عن عقيدة ودين الدولة المحتلة, فكل تصرف وخطوة يخطوها هذا المحتل تكون محسوبة عليه
ومنكرة ومرفوضة من قبل الشعب, بل حتى إن هذا المحتل يتعرض لمقاومة كبيرة من الشعب وان
كان عبارة عن فرق ومذاهب وطوائف فهم يتحدون ضده, لكونه عدو صريح وواضح ومكشوف للعيان
ولم يتستر أو يتظاهر باعتناق الدين والمذهب السائد في هذه الدولة أو تلك, وهذا المحتل
اقل خطورة من المحتل المتستر والمتزين بما يعتقد به الشعب المحتل, لأنه مكشوف والأخير
متخفي ومتستر واستمال الشعب فكريا وعقائديا.
فلو أخذنا ما يحصل في العراق الحبيب الآن
وما يتعرض ويتعرض له من احتلال متعاقب من قبل أمريكا وإيران, فبعد إن احتلت أمريكا
ارض العراق سنة 2003 نجد إن الشعب العراقي بكل طوائفه ومذاهبه وقوميات رفض هذا الاحتلال
ولم يبرر له أي فعل له, إلا بعض الأشخاص ممن تم شراء ضميره بمبلغ زهيد من سياسيين ورموز
دين, أما عامة الشعب فهو رفض هذا الاحتلال الأمريكي, وشكل فصائل وقوى مقاومة وجهت ضربات
موجعة له في كل مكان في العراق من الجنوب إلى الشمال ومن الشرق إلى الغرب.
لكن بعد عام 2011 وبعد انسحاب قوات الاحتلال
الأمريكي من ارض العراق, دخل المحتل الجديد إلى ارض الرافدين, وهو المحتل الإيراني,
فالمرحلة التي يمر بها العراق الآن تكاد تكون من اخطر المراحل والمنعطفات التاريخية
التي مر بها بسبب الهجمة الشرسة من قبل المحتلين وأخطرهم هو التدخل والاحتلال الإيراني
وتكمن خطورته في انه جاء تحت الغطاء والرداء الديني والمذهبي فهو اخطر من الاحتلال
الأمريكي في نقطتين:
الأولى هو دخول البلاد وان يعيث بها فسادا
دون استخدام القوات العسكرية أو الآلة الحربية وذلك بوسيلة الدين والمذهب التي هي أقوى
واشد فتكا من الأسلحة .
والثانية هي استخدام هذا السلاح وهو العقيدة
والدين ليكون أبناء البلد أنفسهم جيشا له ومشاريع لتنفيذ خططه ومأربه كما حصل في إصدار
فتوى الجهاد من قبل السيستاني .
فالمحتل الإيراني يسعى إلى توسيع
إمبراطوريته الفارسية على حساب العراق, وهذا ما صرح به قادته قبل شهور, مستخدماً
عنوان الحفاظ على المقدسات والدفاع عن المذهب الشيعي لكون غالبية الشعب العراقي هو
من أتباع هذا المذهب, لكن قبائح هذا الاحتلال أخذت ترتفع وتيرتها بحق الشعب العراقي
- سنة وشيعة - خصوصا بعد سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم داعش الإرهابي, فبحجة الدفاع
عن المقدسات وعن المذهب, اخذ المحتل الإيراني ومن سار بركبه من المغررين بهم وممن انطلت
عليه كذبة انتحال التشيع, ملأ هذا المحتل ارض العراق بالمجازر والمذابح واخذ يهجر العوائل
وينتهك الحرمات والمقدسات الإسلامية حتى وصل به الأمر أن يروج للسب والطعن بعرض وشرف
النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم, وزرع الفتنة والطائفية وأسس لتقسيم العراق,
وبصورة بعيدة كل البعد عن أخلاقيات مذهب آل البيت عليهم السلام.
وكل ما حصل ويحصل أمام مرأى ومسمع غالبية
العراقيين, دون أن يحركوا ساكناً كما فعلوا مع المحتل الأمريكي سابقا, والسبب في ذلك
هو تستر هذا المحتل بزي التشيع وتظاهر به, وهذا ما جعل كل ما يصدر منه من قبائح مشرعنة
في نظر غالبية العراقيين ومعهم سياسيين ورموز دين.
فلا خلاص للعراق من المعاناة التي يعيشها
اليوم إلا بخروج هذا المحتل من أرضه, ويترك الشعب هو من يقرر مصيره بيده بعيدا عن تدخلاته
السافرة, لكونه وكما يقول المرجع الصرخي الحسني في بيان " مشروع خلاص "
...
{{... 10- إصدار قرار صريح وواضح وشديد
اللهجة يطالب إيران بالخروج نهائيا من اللّعبة في العراق حيث أنّ إيران المحتل والمتدخّل
الأكبر والأشرس والأقسى والأجرم والأفحش والأقبح ....}}.
فالمحتل الإيراني لأرض العراق الطاهرة هو
أقبح وأشرس من الاحتلال الأمريكي لأنه استطاع أن يوهم غالبية العراقيين بشرعية احتلاله
للعراق, واخذ يرتكب المجازر والمفاسد والقبائح بحق العراقيين جميعا دون أي رادع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق