السبت، 4 يوليو 2015

الصرخي مرجع طائفة أم مرجع أمة ؟!


احمد الملا

من المتعارف عليه, إن تعدد الطوائف والمذاهب الإسلامية, يعود سببه لاختلاف الآراء والأفكار والفهم للنصوص الشرعية من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة, و لا يوجد محذور في الإسلام في تعدد المذاهب، بل هو علامة على حرية الفكر، وسعة الأفق لدى علماء المسلمين، أما التنازع الحاصل بين أتباع المذاهب سببه التفكير الضيق والمحدود عند هؤلاء الأتباع, أما رموز المذاهب وقادتها فلم يوجد أي خلاف بينهم غير الخلاف الفكري العقائدي, حيث كان يجالس أحدهم الآخر ويوادد الآخر بكل روح إسلامية سامية وأخلاق عالية, أما خلاف كالذي يحصل اليوم بين أتباع المذاهب والذي وصل لمرحلة القتل والتكفير بسبب الخلاف العقائدي لم يكن موجودا بين قادة ورموز المذاهب الإسلامية.
وهذا الخلاف الدموي الحاصل له أسباب عدة أهمها, عدم شعور المتصدي في الوقت الحاضر بمسؤوليته تجاه من كان على غير طائفته أو مذهبه, فالمرجع الشيعي ومن أجل أن يثبت أحقية مذهبه على باقي المذاهب, يأخذ بكل ما هو مدسوس وغير واقعي ويأخذ بالموضوعات أو ما يسمى بالإسرائيليات, وكذا الحال بالنسبة للمتصدي السني, وهذا ديدن بقية المتصدين لبقية المذاهب, وهذه هي قمة التعصب الأعمى الذي أضر بالإسلام والأمة السلامية, حتى باتت صورة الإسلام مخدوشة ومشوهة في نظر باقي الأمم.
وهذا ما انعكس سلبا على كل مفاصل الحياة بما فيها السياسية خصوصا في تلك الدول التي تحوي أكثر من مذهب, كما حصل ويحصل في العراق اليوم, فالتعصب الأعمى للمذهبية والطائفية, جعل فتاوى التكفير والقتل واستباحة دم الإنسان المسلم - سني أو شعي - تتصدر قوائم الإفتاء, وصار التركيز عليها أهم من التركيز على السعي لإيجاد حياة يسودها التسامح والود والوئام كما كان في زمن قادة ورموز المذاهب الإسلامية.
والأدهى من ذلك أن المتصدين الآن لقيادة المذاهب وزعامتها ابتعدوا حتى عن الرعاية والاهتمام بمن هم تحت عنوان مذهبهم أو من يواليه, وهذا سببه الخواء العلمي, فلان المتصدي لا يملك العلمية الواقعية التي تؤهله لشغل عنوان المرجع او الزعيم لهذه الطائفة أو تلك, فتجد هذا الشخص, يبتعد عن إيجاد الحلول لكل أزمة تعصف بالمجتمع المسلم ككل خوفا من ان تنكشف ضحالته العلمية والفكرية, وأيضا من اجل أن يضمن بقاءه في هذا المنصب و العنوان, وهذا ما جعل أغلب وأكثر المتصدين يركنون إلى التحزب الطائفي المذهبي وبشكل يخلق الأزمات حتى على المستوى السياسي, لكي يكونوا هم أصحاب السيادة على حساب غيرهم من المذاهب.
ففي العراق مثلا, تجد من تصدى لعنوان المرجعية, أصدر الفتاوى التي توجب انتخاب السياسيين من أتباع المذهب الشيعي وان كانوا فاسدين وطغاة, كما حصل مع انتخاب قائمة التحالف الوطني الشيعي الذي أيدته مرجعية النجف بكل محفل انتخابي سواء كان على مستوى برلمان أو مجالس محافظات, حتى وصل العراق لما هو عليه اليوم من تمزق وتشرذم طائفي, ومع ذلك أصدرت الفتاوى الطائفية التي سببت القتل والتهجير للناس من أجل ان تداري الأخطاء التي وقعت فيها من جهة ومن جهة أخرى تتستر على الخواء العلمي الذي تمتاز به, لذلك نجدها عاجزة عن تقديم أي حل لكل أزمة.
لكن في الوقت ذاته نجد هناك مرجعية امتازت بالجانب العلمي الرصين, واتخذت منهج الوسطية والاعتدال, واعتمدت على أسلوب التحقيق والتحليل العلمي الموضوعي في التعاطي مع المعلومة التاريخية, بصورة بعيدة عن المذهبية والطائفية, أنصفت جميع العراقيين, سنة وشيعة, مرجعية السيد الصرخي الحسني, ذلك المرجع الذي طرح نفسه مرجعا لجميع المسلمين, فهو طالب بحقوق المسلمين السنة, كما طالب بحقوق المسلمين الشيعة.
دافع عن رموز ومقدسات السنة مثلما دافع عن مقدسات ورموز الشيعة, أعطى الحلول الناجعة لكل أزمة حصلت في العراق وفي غيره من الدول وبصورة بعيدة التحيز والميل للطائفة والمذهب, وما يشهد لذلك الخطب والبيانات والمحاضرات التي أصدرها المرجع الصرخي, فعلى خلاف من أفتى بقتل السني, فهو حرم الدم السني والشيعي, ودعا لعراق واحد موحد بكل طوائفه وقومياته, ونادى بالولاء للوطن والأرض قبل كل شيء.
وكان أخر ما صدر منه من بيان هو " مشروع خلاص " الذي يمثل خارطة طريق جديدة للعراق الذي عصفت به رياح الطائفية, بسبب المتعصبين للمذهبية وتجار الطائفية, فكانت كل فقرات هذا المشروع هي تصب في مصلحة العراقيين جميعا بكل مذاهبهم وطوائفهم, ولم تهتم بالشعي بمعزل عن السني, او السني بمعزل عن الشيعي...
ولعل ابرز ما جاء في هذا المشروع هي الخطوات التالية :
{{....حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد الى أن تصل بالبلاد الى التحرير التام وبرّ الأمان
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم ، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية ، وخالية من التحزّب والطائفية ، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها الى وزرائها .
7- ما ذكرناه قبل قليل يشمل وزيرَيْ الداخلية والدفاع ويجب تشكيل منظومة عسكرية جديدة تمتاز بالمهنية والوطنية والولاء للعراق وشعب العراق ولا يوجد أي تحفّظ على المنتسبين لها سواء كانوا من ضباط نظام سابق أو نظام لاحق ماداموا مهنيين وطنيين شرفاء...}}.
وهنا نلاحظ وبكل وضوح مدى المنهج الذي اتبعه في هذا البيان والذي أخذناه كنموذج حي على مدى شمولية هذا المرجع بالرعاية وتحمل مسؤولية جميع المسلمين بعيدا عن العنصرية الطائفية المقيتة, فهو طالب ويطالب بحل الحكومة والبرلمان الطائفيين اللذان كانا نتجا لفتاوى طائفية.
فمن كان يهتم بأمور المسلمين عموما دون أي استثناء, فهو ليس مرجعا لطائفة بل انه مرجع أمة, من كان يدافع عن رموز وقادة الإسلام جميعا, فهو ليس مرجع طائفة بل مرجع أمة, من قال للسني المتطرف قف هذا حدك, وقال للشيعي المتطرف قف هذا حدك, هذا ليس مرجع طائفة وإنما مرجع امة, فالصرخي مرجع امة وليس مرجع طائفة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق