احمد الملا
من المتعارف عليه إن لكل شيء مقدمة, أي
إذا وجب الشيء وجبت مقدمته, بمعنى أخر ولتقريب الصورة, إذا احتاج احدهم أن يذهب إلى
السوق فانه يحتاج إلى أموال والى وسيلة نقل لتوصله للسوق, فمقدمة الذهاب إلى السوق
هي توفر الأموال ووسائل النقل, وهكذا الحال
بالنسبة لكل شيء حتى الإرهاب الذي يعصف في العالم وخصوصا العربي, فللإرهاب وانتشاره
مقدمات وهذه المقدمات عملت دور كبير في خلق ظروف ومقدمات صبت في مصلحته وجعلته يأخذ
مأخذه من العالم حتى بات هو القضية العالمية وشغل شاغل لجميع البلدان.
ولو راجعنا بدايات ظهور تنظيم داعش لوجدنا
أن هذا الظهور له مقدمات وعوامل وأسباب, لعل أبرزها هو الفقر والجهل ودكتاتورية الحكام
والفساد المالي والإداري والعقائدي وغياب الحصانة الفكرية والعقائدية, هذه هي مقدمات
نشوء هذا التنظيم الإرهابي, لكن من الذي أعطاه
هذا الزخم وهذه الهالة الكبيرة التي جعلت منه الآن أخطر منظمة إرهابية شهدها العالم؟!.
للجواب على هذا التساؤل نقول, إن تنظيم
الدولة داعش - بغض النظر عمن أسسه - بعد نشوءه حصل على دعم من قبل إمبراطورية فارس
من اجل أن تحصل هي على التوسع في المنطقة العربية وبشكل يغطي على تواجدها وتدخلها في
المنطقة, فكانت البداية في سوريا, حيث ظهر هذا التنظيم كقوة مساندة لنظام بشار الأسد
لضرب وعرقلة الثوار السوريين, وبعد ذلك فتح المجال أمام هذا التنظيم الإرهابي في العراق,
وذلك من اجل تخفيف الزخم عن نظام الأسد من جهة ومن جهة أخرى محاولة تثبيت رئيس الحكومة
العراقية السابق نوري المالكي, وذلك من خلال محاولته إعلان قانون الطوارئ الذي يضمن
له التمسك بالسلطة, ومن جهة أخرى يعطي لإيران مبررا بالتدخل وبشكل صريح في العراق.
كون العراق بلد مطل على البلدان العربية
التي لها علاقة مع إيران كسوريا والبلدان المناهضة لها كالأردن والسعودية, وبهذا تكون
قد فتحت مع تلك الدول خطوط هجومية بعيدة عن حدودها الطبيعية, ولذلك نجدها قد احتلت
وعلى سبيل المثال مدينة النخيب المتاخمة للحدود السعودية وذلك من اجل الضغط على المملكة
العربية السعودية بخصوص مسالة الحوثيين الموالين لإيران في اليمن, هذه الأمور وغيرها
جعلت من إيران تعطي الزخم لتنظيم الدولة داعش, لان هذا التنظيم بتواجده سيجعل تحرك
إيران في المنطقة سهلا وبشكل سلس وبدون رادع.
فالكل يعلم إن تنظيم داعش لا يملك العدد
الكافي من المقاتلين لاحتلال مدينة صغيرة, لكن ما قدمته إيران ومن خلال ساسة الفساد
كالمالكي جعلت منه تنظيم خطير حيث وبعدد قليل من المقاتلين احتلوا محافظات ثلاثة في
وقت قياسي, كما أعطتهم الدافع الأقوى من خلال تسليم المتدربين في قاعدة سبايكر لهذا
التنظيم وارتكب بحقهم تلك المجزرة التي أقرحت القلوب, وهذا من أجل ضمان دخولها في العراق
دون أي اعتراضات, وكذلك إعطاء التنظيم الحافز لدخول مناطق أخرى بشكل يضمن وصول إيران
لها.
ومن جهة أخرى أعطت إيران زخما لتنظيم داعش
من خلال المرجعيات الإيرانية في النجف وخصوصا مرجعية السيستاني التي أصدرت فتوى الجهاد
الكفائي وبصورة مطلقة بحيث لم تحدد الجهة المستهدفة بالجهاد, الأمر الذي دفع بالكثير
من العراقيين من أهل السنة أن ينخرطوا في صفوف تنظيم داعش من أجل الحفاظ على حياتهم
خصوصا بعدما ذاقوا قساوة وقبح وعنجهية ودكتاتورية ودموية حكومة المالكي التي بطشت بهم
وهي كانت أيضا مدعومة من مرجعية السيستاني, فهذا أفتى بالجهاد والمالكي همشهم وسلبهم
كل مقومات الحياة وقطع أرزاقهم, فأين تذهب تلك العوائل والى من تلجأ ؟! إذا كان رب
البيت قد حد لهم السكاكين كي يذبحهم وهذا بطبيعة الحال هو بتوجيه إيراني بحت!!! فمن
الطبيعي يلتجئ بعضهم إلى من يظنون به على اقل تقدير يضمن لهم حياتهم وان كان تنظيم
داعش الإرهابي.
فإيران بشكل وبأخر قدمت الدعم لتنظيم داعش
من خلال تهميش السنة ومحاربتهم والساق تهم الإرهاب لهم حتى قبل دخول تنظيم داعش, فمن
يتهم بأنه إرهابي من قبل الحكومة ويطارد ويسجن أهله وتقطع عنه أسباب الرزق, هل من الممكن
أن يتعاون مع هذه الحكومة ؟! الأمر الذي جعل الناس تلتحق بهذا التنظيم وهذا ما جعله
يزداد ويتكاثر في الأعداد, وكذلك قدمت له الانتصارات المعنوية الكبيرة والكثيرة من
خلال فتح المجال له في العديد من المحافظات والمدن والتي حقق بها مكسبا إعلاميا ونصرا
عسكريا كبيرا وحصل ايضا على العدة العسكرية من أسلحة ثقيلة وخفيفة ومتوسطة.
فما دام تنظيم داعش يحظى بتسهيلات إيرانية
في العراق فانه باقٍ إلى أن تنتهي تلك التسهيلات, ونهاية تلك التسهيلات تكون هي بخروج
إيران من العراق ومن أجل ذلك نجد إن دعوة المرجع الصرخي في بيان " مشروع خلاص
" جاءت مطالبة بإخراج إيران من " اللعبة " في العراق, كون ما يحدث في
هذا البلد هو لعبة سياسية قذرة راح ضحيتها أبناء الشعب, وأحد أطراف تلك اللعبة هي إيران,
حيث طالب المرجع "الصرخي" في حوار معه لـ"بوابة العاصمة" بإخراج
إيران من اللعبة حيث قال {{ ... من هنا طالبنا بإخراج إيران من اللعبة كي ننفي وننهي
كل المبررات التي جعلت الشباب الإخوان والأبناء يضطرون لحمل السلاح فلابد من أن نزيل
أسباب اضطرارهم ولابد من أن نوجه لهم الكلام والنداءات والنصح كي يعودوا إلى رشدهم
والى أهليهم كي تنكشف الأمور وتتميّز كل طائفة مقاتلة عن الأخرى وهذا لا يمكن أن يتحقق
إلا بخروج إيران من اللعبة , وخروج إيران من اللعبة يعني خروج كل عملائها ومليشياتها...}}.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق