السبت، 31 مايو 2014

الامام علي بين حقد معاوية وغلوّ ابن سبأ



ان فترة خلافة الامام علي عليه السلام كانت حافة بالكثير من الاحداث والمعرقلات التي كانت بمثابة حجر عثرة في طريق خلافته عليه السلام, فخرج الناكثين والقاسطين والمارقين والخوارج والمغالين والمعاندين والرافضين لخلافته امثال معاوية بن ابي سفيان, لكن كل ما مر به الامام علي عليه السلام كان لا شيء مقارنة بحقد معاوية عليه اولا وثانيا مغالات بعض من النفر في علي مما سبب الكثير من المآسي والويلات له سلام الله عليه.
فكان معاوية بن ابي سفيان قد سن سنة السب بالامام علي عليه السلام من جهة, ومن جهة اخرى قام بمطاردة وقتل كل من يعرف بولائه لعلي مع التشهير بهم وسبهم ولعنهم على المنابر أيضا وهو - أي معاوية – أول من قال بلفظ الشيعة واسس لها ونسبها لعثمان اذ قال شيعة عثمان ولم يقل شيعة علي بل وصفهم بالاتباع – اتباع علي – وهذه رواية الطبري تشهد بذلك ....
روى الطبري في تاريخه ضمن أحداث سنة إحدى وخمسين هجرة قصة مقتل حجر بن عدي(رضوان الله عليه)، وجاء فيها : { إن معاوية بن أبي سفيان لما ولى المغيرة بن شعبة على الكوفة في جمادى سنة إحدى وأربعين دعاه ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإن لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا,.... وقد يجزي عنك الحكيم بغير التعليم، وقد أردت إيصاءك بأشياء كثيرة ، فأنا تاركها اعتمادا على بصرك بما يرضيني ويسعد سلطاني، ويصلح به رعيتي ، ولست تاركا إيصاءك بخصلة : لا تتحم عن شتم علي وذمه، والترحم على عثمان والاستغفار له، والعيب على أصحاب علي والاقصاء لهم وترك الاستماع منهم، وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والإدناء لهم والاستماع منهم . فقال المغيرة : فقد جربت وجربت وعملت قبلك لغيرك، فلم يذمم بي دفع ولا رفع ولا وضع ، فستبلو فتحمد أو تذم . قال : بل نحمد إن شاء الله . . .، وأقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين وأشهرا وهو من أحسن شئ سيرة، وأشده حبا للعافية، غير أنه لا يدع ذم علي والوقع فيه ! والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم ، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه . . .} تاريخ الطبري : ج 3 ، ص 218 ط دار الكتب العلمية .   
اما عبد الله بن سبأ فكان من الغلاة بحب علي عليه السلام ومدعي ألوهيته، وابن سبأ أول من نادى بولاية علي بن أبي طالب وبأن لكل نبي وصياً وأن وصي الأمة هو علي بن أبي طالب، وهو أول من أظهر الطعن والشتم في الصحابة وخصوصاً أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعائشة زوجة الرسول محمد, وهذا ماذكره الكشي في اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج 1 - ص 324 وكذلك السيد الخوئي في معجم رجال الحديث ج 11 - ص 206 - 207 { وذكر بعضي أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديا فأسلم ووالى عليا عليه السلام ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بالغلو ، فقال في اسلامه بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام مثل ذلك, وكان أول من شهر بالقول بفرض امامة علي وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وكفرهم، فمن هاهنا قال من خالف الشيعة أصل التشيع والرفض مأخوذ من اليهودية }.
فكان معاوية هو السباق في تأسيس وتقنين سنة السب الفاحش واللعن والطعن بالامام علي عليه السلام, وهو من وضع قانون السب والقتل والتشريد والتطريد والاقصاء لعلي واتباعه, كما نلاحظ انه اول من استخدم كلمة ولفظ ومصطلح (شيعة) بقوله {... وبإطراء شيعة عثمان رضوان الله عليه والإدناء لهم والاستماع منهم ...} حتى لا يتهمنا من سار على نهج معاوية بان كلمة الشيعة هي صادرة منا وعنا بل هي من قائدهم وخليفتهم ورئيسهم معاوية وكانت بحق عثمان واتباعه, اما ابن سبأ فهو طبق – كرد فعل لكونه مغالي بعلي-  ما جاء به معاوية ولكن على الصحابة على عرض النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وكان مصيره القتل على يد الامام علي عليه السلام وحرق قسم كبير من اتباعه, وهنا ايضا تنتفي الشبهة والتهمة التي وضعها الامويين والتكفريين بان مذهب اهل البيت عليهم السلام المذهب الامامي الاثني عشري كان مصدره ابن سبأ, بل ان مذهبنا اصله ومعدنه هو رسول الله صلى الله عليه واله وسلم واهل بيته الطاهرين من الامام علي عليه السلام الى الحجة المنتظر عليه السلام.
ولبيان اكثر وتفصيل اوضح اسرد جزء بسيط مما تطرق له السيد الصرخي الحسني في محاضرته العقائدية التاريخة التاسعة عشر ...{ ... يرجح ان يكون فعل ابن سبأ وتلبسه بقبح ورذيلة السب واللعن والتكفير وإشهاره لذلك جاءت نتيجة وكرد فعل لما سبقه به معاوية لعنه الله عندما جعل منهج ودستور وقانون الدولة متضمن لسب ولعن امير المؤمنين (عليه السلام) وكذا سب ولعن الصحابة الذين اشتركوا بالتحريض ضد الخليفة الثالث عثمان والخروج ضده وثم قتله, من السباب الاول ابن سبأ ام معاوية؟ معاوية شهر وأعلن وحكى وسب فاحش بعد مقتل عثمان، اعتبر قتل عثمان والسبب في قتل عثمان والتغطية على مقتل عثمان وقتلة عثمان والشخص المسؤول عنها هو امير المؤمنين (عليه السلام) فكان يلعن ويكفر قتلة عثمان وكان يسب ويفحش قتلة عثمان, التكفير واللعن والسب الفاحش والطعن من قبل معاوية ترجم على الظن انه يحب علي (عليه السلام),  التكفير الذي صرح به ابن سبأ اقتصر على الجانب النظري الفكري الاعتقادي لأنه لا يملك السلطة أصلا أما التكفير الذي انتهجه معاوية فقد تُرجم وطٌبق على ارض الواقع حيث حكمت الدولة الاموية واصدرت قانون اجتثاث كل موال ٍ لعلي (عليه السلام) اجتثاث كل من لم يكفر بعلي (عليه السلام) اجتثاث كل من لم يتبرأ من علي (عليه السلام) فقطعت الأرزاق على أساس ذلك وقطّعت الأعناق وسفكت الدماء على أساس ذلك, كيف استغل هذا القانون؟ من اليد التي كانت تتسلط في فترات زمنية على القانون؟ وكيف استغل القانون حتى الإضرار بالنساء وبالأبرياء؟ وكيف هذا الإضرار بالآخرين كيف يولد في المجتمع قاعدة عدائية؟ كيف يولد في المجتمع شريحة اجتماعية تتقبل العداء، تتقبل الخوارج، تتقبل النواصب، تتقبل القوى التكفيرية؟ تريد ان تنتقم لنفسها، تنتقم لذاتها، ان تنتقم لعائلتها، ان تنتقم لكرامتها، ان تنتقم لأموالها، ان تنتقم لإنسانيتها، فعلينا ان نوفر الحد الأدنى لإنسانية الإنسان حتى نعطيه المبرر والدافع النفسي للبقاء, اما عندما نجتث الإنسان من أساسه من مقره من إقامته من عائلته من تاريخيه ماذا يبقى عنده، يرتدي الحزام ويذهب...}.
والخلاصة النهائية ان هاتين الشخصيتين (معاوية بن ابي سفيان وعبد الله بن سبأ) هما من اسسا للفرقة والطائفية وخلق الفتنة بين المسلمين, وتعرض الامام علي عليه السلام لما تعرض له بسببهما, كما الاسلام والمسلمين الان يعانون من تداعيات ماقاما به من فتن وطائفية وسنن لا شرعية ولا اخلاقية .
المحاضرة التاسعة عشرة للسيد الصرخي الحسني : معاوية وعبد الله بن سبأ يتبادلان الادوار في تهديم الدين الاسلامي ....


الكاتب :: احمد الملا  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق