احمد الملا
نبه رئيس
الوزراء العراقي حيدر العبادي في كلمة له مع مجموعة من أساتذة الجامعات يوم
الأربعاء 28/ 10 / 2015، على إن انخفاض أسعار
النفط بشكل كبير ودخول البلد في حرب تستنزف أموالاً كبيرة من الموازنة وضع الحكومة
في مشكلة مالية والبحث عن موارد لسد متطلباتها !!! وكان المورد الوحيد الذي تبقى أمام الحكومة
العراقية هي رواتب الموظفين التي أصبحت لقمة سائغة في أفواه البرلمانيين والوزراء والأحزاب
والكتل السياسية المشاركة بالعملية السياسية, وهنا نسأل أين ذهبت الموارد الوطنية
الأخرى لكي يستهدف مصدر رزق الكثير من العراقيين ؟!.
وجواب ذلك هو : إن تدمير الجانب الاقتصادي
والزراعي وكل القطاعات الإنتاجية في العراق بشكل يتناسب مع خدمة إيران وجعل هذا
البلد سلتها الغذائية, فتدمير الحقول الزراعية بحجة محاربة داعش في المناطق
الساخنة, وقطع المياه على المناطق الجنوبية بالإضافة إلى انعدام تقديم الدعم للمنتجات
الزراعية العراقية وعدم دعم الفلاح العراقي أدى إلى تدهور القطاع الزراعي في
العراق, حتى صار يستورد حتى " الرقي " من إيران !!.
أما القطاع الصناعي, فقد تم تعطيل جميع
المصانع والمعامل وتوزيع العاملين فيها على الوزارات, بشكل انعدمت فيه الصناعة
العراقية, كمعامل الاسمنت ومعامل الحديد والصلب ومعمل الإطارات ومعامل الغزل
والنسيج ومعامل القابلوات وووو, حتى أصبحت الصناعة العراقية معدومة نهائياً, وفتح
السوق العراقي أمام الصناعة الإيرانية, وكذا الحال بالنسبة لقطاع الكهرباء وباقي
القطاعات.
أما الموارد النفطية, فهي مقسمة بين تسديد
المبالغ المالية للشركات التي تستخرج النفط, وبين موازنة الدولة التي أرهقتها
الحرب, وفساد السياسيين, والصفقات الوهمية, وتسديد فواتير الأسلحة المستوردة من
روسيا وإيران وأمريكا, ولم يتبقى منها إلا القليل القليل الذي يمثل رواتب الموظفين
وهنا تحولت أنظار الحكومة إلى مصدر رزق العراقيين, وأصبحت بمثابة خط أخضر يمكن
التعدي عليه بكل سهولة, وهذا ما بينه العبادي في كلمته لأساتذة الجامعات التي
ذكرناها في مطلع المقال!!!.
لكن بقي جانب آخر مهم لم يتجرأ أحد على
المساس به أو التطرق إليه ولو بكلمة بسيطة وهو جانب القطاع الديني والسياحة
الدينية " موارد العتبات المقدسة " التي لم يستفد منها الشعب العراقي
ولا الحكومة العراقية, بل المستفيد الوحيد منها هو السيستاني ومؤسسته الدينية,
فالكلام عن تلك الواردات التي تعد بالمليارات سنوياً وبالعملة الصعبة, إذ تعد العتبات المقدسة
في العراق خصوصاً في محافظة كربلاء والنجف وبغداد وسامراء والحلة من أهم مصادر الثروة
العراقية, وذلك باعتبارها مناطق ذات جذب سياحي ديني, حيث تصل لها الأموال الطائلة على شكل هدايا ونذور بالإضافة
واردات " الصندوق " أي صندوق الضريح أو الشباك, إضافة إلى العائدات المالية
الكبيرة من الأراضي الزراعية و حظائر المواشي والبساتين وعائدات المؤسسات الصحية و
الخدمية ومشاريع استثمارية إنتاجية وبساتين والعقارات والأراضي والمصانع التحويلية
التابعة للعتبات المقدسة, بالإضافة لأموال التبرعات والهدايا والنذور المادية والعينية
التي تصل من داخل وخارج العراق إضافة إلى المنح التي هي بالمليارات المقدمة من رئاسة
مجلس الوزراء لإرضاء هذه الحفنة الفاسدة المستحوذة والمسيطرة على تلك العتبات, حيث
تصل تلك الأموال بالمجموع إلى المليارات شهرياً.
لكن أين تذهب تلك
الأموال الطائلة ؟ وعلى ماذا تصرف عائدات هذه المشاريع والأموال التابعة للعتبات المقدسة
؟ خصوصاً عائدات الحضرتين الحسينية والعباسية الشريفتين ؟ فالكل يسمع بالمشروع الفلاني
والمزرعة الفلانية التابعة للحضرة الحسينية أو العباسية ولكن أين تذهب واردات هذه المشاريع
؟ من هو المسيطر عليها ؟ من هو صاحب الحق في التصرف بها ؟ وعلى ماذا يصرفها ؟ هل يصل
للحكومة العراقية نصيبٌ منها ؟ هل توزع تلك الأموال على الفقراء من الشعب ؟ هل تساهم
تلك الأموال في رفد خزينة الدولة العامة ؟!.
اليوم العراق يمر
بأزمة مالية خانقة بسبب فساد السياسيين الذين أوجبت المؤسسة الدينية في النجف انتخابهم,
وهي ما زالت تحاول أن تنأى بما تجنيه من عائدات تلك العتبات بعيداً عن الدولة والشعب!!,
فلماذا لا تقوم الحكومة العراقية بأخذ نسبة على أقل تقدير وليس كل تلك الواردات
المالية الهائلة وسد النقص الحاصل في موازنة الدولة وعدم المساس بأرزاق الملايين
من العوائل العراقية؟؟!!.
لماذا لا تدخل
عائدات العتبات المقدسة ضمن موارد دعم خزينة الدولة من أجل دعم اقتصاد البلد الذي أصبح
شبه منهار؟؟!! فلماذا يكون الكلام دائما عن البحث عن موارد جديدة أو الكلام عن
تطوير القطاع الزراعي والصناعي – وهذا التطوير بحد ذاته يحتاج إلى أموال هائلة - ولا يكون الحديث عن جانب السياحة الدينية وواردات
العتبات المقدسة ؟! هل هي خط احمر ؟ ورواتب الموظفين خط أخضر يمكن التعدي عليه ؟! لماذا
يتم الاستحواذ على مورد مالي هائل من قبل شرذمة مفسدين يسعون إلى الدفع بالدولة وبالشعب
بعيداً عن التفكير بجعل العتبات تحت إشراف الدولة خوفاً على ضياع وفقدان هذا المصدر
المالي العملاق!!.
فلو كانت المؤسسة الدينية في النجف وكل من عمل في
إدارة العتبات المقدسة - اللاأمناء- بالفعل حريصون على الشعب العراق ويهمهم أمره لسلموا
إدارة تلك العتبات ووارداتها للدولة لترفد خزينتها العامة خصوصاً والبلد يمر في ظرف
استثنائي وخاص وحالة من الضائقة المالية, ثم لماذا هذا الاستحواذ على ذلك الرافد الاقتصادي
والمالي المهم من قبل طبقة وشريحة معينة من الناس, ويحرم الملايين من خيراتها ؟ بينما
هي بالأساس ملك عام وخاص بالشعب العراقي أجمعه وليس لشخص معين ؟! ومن المتعارف عليه
إن كل شيء عام تعود تبعيته للدولة وليس لأشخاص, ومن هنا نطالب بأن تكون العتبات المقدسة
في كل محافظات العراق تحت إشراف مباشر من قبل الدولة العراقية من اجل المصلحة العامة,
وإنقاذ تلك العتبات من زمرة الفساد المتسترة باسم الدين.
وفي الوقت ذاته
نشد ونؤيد على دعوة المرجع الصرخي التي وجهها للحكومة وللشعب العراقي خلال لقائه مع
قناة التغيير الفضائية والتي طالب فيها
" أن تكون الدولة ومؤسساتها هي المسؤولة عن حماية العتبات المقدسة التي
يجب أن تكون منزوعة السلاح وخالية من الميليشيات المؤتمرة بأوامر رجال الدين المتسلطين
عليها، كما طالب بأن تتصدى الحكومة لتشكيل لجنة مستقلة من الأمناء الشرفاء ورؤساء العشائر
والإعلاميين والقانونيين ومؤسسات المجتمع المدني للإشراف على أموال هذه المراقد وصرفها
على إعمارها وفي شؤون كل العراقيين المهاجرين والنازحين والمهجرين والفقراء والمساكين
والأيتام والأرامل وضحايا الاحتلال الأمريكي والإيراني وضحايا الإرهاب المليشياوي والتكفيري
" .
فإذا أصبحت تلك
العتبات المقدسة تحت تصرف الدولة العراقية, وتضاف وارداتها وعائداتها المالية الهائلة
والتي تقدر بالمليارات سنوياً, بالإضافة إلى تفعيل القطاع الزراعي والصناعي, فإن العراق
لن يصاب بأي أزمة اقتصادية أو مالية والشعب العراقي سيعيش بحالة من الرفاهية الاقتصادية,
ولن يتم المساس برواتب الموظفين التي تمثل مصدر رزق لملايين العوائل العراقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق