احمد الملا
إن وضع العراق الراهن يشير إلى الكثير من
التوقعات, ويثير الكثير من التكهنات والاحتمالات, وكلها راجحة ومقبولة بحكم
التجارب السابقة التي مر بها العراق, حيث تربع ساسة الفساد على عرش ومقدرات وصناعة
القرار في العراق, وكذلك طبيعة الصراعات التي تدور في أرضه, وهي كثيرة جدا ولها
تاريخ ليس بالقصير, الأمر الذي جعل قراءة مستقبل العراق بعد كل واقعة أو انعطافة
أو حدث يعصف بهذا البلد ليس بالأمر الصعب أو المستحيل.
فنحن كشعب نعلم ومن خلال تجربتنا مع الحكام
السابقين, وخصوصا الحكومة السابقة للسفاح المالكي - الذي حكم العراق بالحديد
والنار والمجازر والطائفية والفساد والتهجير – نعلم إن بداية حكمه كانت عبارة عن
إصدار القرارات وإطلاق المبادرات وسن قوانين, كان جل الشعب ينظر لها على إنها
خطوات تصب في مصلحة البلد ولها ثمار طيبة, كمشروع المصالحة الوطنية, وخطة فرض
القانون, وغيرها من المشاريع التي كان ظاهرها في مصلحة العراق.
لكن بعد مرور فترة من الزمن, وبعد أن ثَبَّتَ ذلك النّكرة المجرم – المالكي – جذوره في
الأرض, ونسج لنفسه شباكا في كل زوايا الدولة, وأسس العصابات والمافيات الموالية له,
قلب الطاولة على الشعب, وتحولت كل تلك المبادرات والقوانين والمشاريع إلى أدوات
لقمع الشعب وتهجيره وترويعه وتجويعه وزجه في دوامة طائفية واقتتال وحروب ومجازر
وفساد, فوصل العراق إلى ما هو عليه الآن, بحيث يئن ويعاني من تلك الحقبة المظلمة
وما ترشح عنها.
والآن نلاحظ خطوات الحكومة الجديدة – حكومة
العبادي - هي اقرب لخطوات الحكومة السابقة إن لم تكن تشبهها, حيث إطلاق المبادرات
والقوانين والتشريعات والوعود, لكن أين التطبيق ؟ وأين التنفيذ ؟ وهل تقدم العراق
كحكومة ومؤسسات وشعب خطوة نحو الأفضل ؟! الجواب قطعا لا.
فالوضع لم يتغير, بل انه يزداد سوءا يوما بعد
يوم, وبحكم تجربتنا مع الحكومة السابقة, يجعلنا نتوقع إن ما تقوم به الحكومة
الحالية هي تقليدا لسابقتها وسيرا على نفس الوتيرة والخطوات, فلا نرى هناك أي
فوارق كبيرة بين حكومة الإمعة المالكي وحكومة العبادي, فالخطوات متشابهة ومتقاربة
إلى حد كبير, وهذا يجعل قراءة مستقبل العراق ليس بالأمر الصعب, بل إن معالم هذا
المستقبل واضحة وتكاد تكون في مرمى البصر لكل من يدقق ويشخص جيدا.
ولعل جواب سماحة المرجع الديني العراقي
العربي السيد الصرخي الحسني على الاستفتاء الذي رفع له بخصوص وضع العراق والفرق
بين حكومة المالكي والعبادي من حيث المنهج والسلوك, هو من أدق القراءات لمستقبل
العراق وأكثرها عمقا وتشخيصا للواقع, إذ يجيب سماحته على السؤال التالي ...
( ما رأي سماحتكم
وما هو تقييمكم لعمل الحكومة الحالية ومنهجيتها وسلوكها، وهل يوجد فرق بينها وبين الحكومة
التي سبقتها ؟)
{ بسمه تعالى:
أولا: بصورة عامة فان كلّ متابع يجد مجريات الأمور على الأرض وفي واقع الحال لم تتغير،
فلم يحصل ولم نسمع إلا التصريحات الإعلامية من هنا وهناك، لكن لم نرَ الآثار والتطبيقات،
فالشعب العراقي لم يلمس الفرق بين فترة حكم الظالم السابق وبين الحكومة والحاكم الجديد...فالسجون
هي السجون والفاسدون الفاسدون والطائفيون الطائفيون والمشرّدون المشرّدون والنازحون
النازحون والمعتقلون المعتقلون والمظلومون المظلومون.
ثانيا: نأمل أن
لا يكونَ الأمرُ كلّه عبارة عن مؤامرةٍ يُراد بها التسويف والتخدير والتغرير وكسب الوقت
وانتهاز الفرص للانقضاض والبطش بالخصوم والشعب المظلوم والتنكيل بهم فيكون الفساد والإفساد
والظلم كما كان وأقسى وأفحش مما كان، كما أنه لا يُستَبعَدُ أن ينقلب السحر على الساحر
فيرجع مَن كان إلى ما كان وأسوأ وأجرم وأقبح مما كان...}.
استفتاء المرجع الصرخي الحسني :: صراعات وحرب طائفية
في العراق ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق