بعد شهادة الإمام
العسكري عليه السلام في 8 ربيع الأوّل 260ﻫ،
توّج ابنه الإمام المهدي عليه السلام بتاج الخلافة والإمامة للمسلمين في 9 ربيع الأوّل
260ﻫ , إذ يعتبر هذا اليوم من أهم الأيام عند المسلمين , لان فيه ذكرى تسلم "
منقذ البشرية " منصب الخلافة وهو اليوم الذي يعتبر أول يوم له سلام الله عليه
في بدء مهمته في التأسيس لدولة العدل الإلهي التي وعد بها البشر وخصوا من
المستضعفين .
ومما تجد الإشارة إليه أن تتويج الإمام
المهدي عليه السلام تسبقه مرحلتين مهمتين الأولى هي مرحلة التمهيد " وقد مر
بها سابقا " قبل وبعد ولادته وتهيئة نفوس وأذهان الموالين لتقبل غيبته سلام
الله عليه , وهذا المرحلة تولى القيام بها الإمام الحسن العسكري عليه السلام ,
الذي اخذ على عاتقه طرح فكرة غيبة الإمام المهدي وترسيخها في نفوس وأذهان المسلمين
من أتباعه .
إذ كان لا بد للإمام
الحسن العسكري عليه السلام أن يقوم بالتمهيدات
اللازمة لنقل شيعة أهل البيت عليهم السلام من مرحلة الحضور إلى مرحلة الغيبة التي يُراد من
خلالها حفظ الإمام المعصوم وحفظ شيعته وحفظ خطّهم الرسالي من الضياع والانهيار والاضمحلال،
حتّى تتهيّأ الظروف الملائمة لثورة أهل البيت الربّانية على كل صروح الظلم والطغيان
وتحقيق جميع أغراض الرسالة الإلهية الخالدة على وجه الأرض من خلال دولة العدالة العالمية
لأهل البيت وجدهم الأمين عليه وعليهم سلام الله .
والمرحلة
الثانية التي تسبق التتويج النهائي" الظهور المعلن " وهي مرحلة تقع على
عاتق من يتولى النيابة العامة والممهد الذي يسبق ظهور الإمام المهدي عليه السلام ,
إذ يجب عليه أن يؤسس ويهيئ الظروف الموضوعية لظهور و قيام الإمام المهدي عليه
السلام , وكذلك عليه أن يهيئ نفوس وأذهان المسلمين من أتباع وموالين للإمام المهدي
لتقبل أطروحته سلام الله عليه , وصقلهم وتربتهم تربية خاصة تجعل منهم على قدر عالي
من المسؤولية والقدرة على التفاعل مع الإمام المهدي لكي يناصروه ويساندونه في
مشروعه الإلهي " دولة العدل الإلهية " .
وعلى هذا الأساس
أخذت المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة والمتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى
آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني " دام ظله " بالتأسيس والتمهيد
لظهور الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف من خلال التهذيب والتربية الروحية
والأخلاقية والعلمية لكل من التحق به وبقضيته الإلهية الرسالية , وهذا لخصه سماحته
" دام ظله " بقوله { أن الركن الأساسي
في عقيدتنا هو التأسيس لدولة العدل الإلهي بقيادة قائم آل محمد صلوات الله عليه
وعلى آبائه الطاهرين ..} .
وكذلك اعتماد
سماحته " دام ظله " على الأسلوب العلمي العقلي الشرعي والمسند إلى
الدليل العلمي في كل ما يطرحه في الساحة الدينية من أجل تربية النفوس على استخدام الأسلوب
العلمي الذي هو أسلوب الإمام المهدي عليه السلام ومن خلاله يثبت إمامته , وكذلك
تصدي سماحته " دام ظله " لكل الشبهات التي تثار حول قضية الإمام المهدي
ودفعها من خلال الدليل العلمي والمجادلة بالحسنى .
وهنا نجد إن
سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد الصرخي الحسني " دام ظله
" قد أسس وأرسى قواعد الانتصار للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف من خلال
الدعوة العلمية وإتباع الأثر والدليل العلمي العقلي والشرعي التي هي بالأساس دعوة الإمام
المهدي سلام الله عليه .
وهنا يكون
تتويج الإمام المهدي عليه السلام إماما ورئيسا وخليفة للعالم من خلال تلك
المرحلتين التي مر ويمر بها " التمهيد للغيبة ,والتمهيد للظهور " فبعد
تمام اكتمال المرحلة الثانية يكون تمام التتويج النهائي بتمكنه سلام الله عليه في الأرض
ويتحقق وعد الله سبحانه وتعالى { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا
فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ } القصص5 .
الكاتب ::
احمد الملا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق