احمد الملا
تعتبر العاصمة العراقية بغداد من أكثر عواصم العالم عرضة للسقوط بيد المحتلين والغزاة, وكان أول سقوط لها هو على يد المغول والتتار, وبعدها سقطت بيد العثمانيين, ومن ثم بيد الاحتلال البريطاني, وآخرها بيد الاحتلال الأمريكي, وهاهي اليوم بيد الاحتلال الصفوي الفارسي الذي صرح علنا بان بغداد عاصمة إمبراطوريته الفارسية, وهي أيضا الآن هدف لتنظيم الدولة " داعش " الإرهابي.
والجميع يعرف إلى ماذا تعرضت هذه العاصمة من
انتهاكات من قبل المحتلين الذين تعاقبوا على استباحتها, فالمغول وكما نقلت بعض
الروايات إنهم قتلوا مليوني شخص, مع إتلاف كل الكتب والمؤلفات الإسلامية الفقهية
والعقائدية والعلمية والأصولية بين حرق وإلقاء في نهر دجلة حتى أصبح لون النهر
اسودا كما تنقل لنا بعض المصادر.
وما قام به الاحتلالان العثماني والبريطاني
لم يكن يختلف كثيرا عما فعله المغول, فهناك من سعى إلى تطبيق سياسة التتريك وطمس
الهوية العربية الإسلامية, والأخر قام بسرقة كل المكاتب والموروث الإسلامي والشعبي
والثقافي مع سرقة الآثار العراقية, وتكرر المشهد مع الاحتلال الأمريكي الذي عاث في
ارض العراق الفساد.
لكن يبقى السؤال هنا, ما موجد الآن من
موروثات إسلامية من كتب ومخطوطات محفوظة في المكاتب والمؤسسات ممن وصلت لنا بطريقة
أو بأخرى ونجت من براثن الغزاة, هل يمكن الحفاظ عليها أو على ما تبقى منها في حال
سقطت بغداد من جديد بيد من نخشى إن تسقط بأيدهم ؟!.
إن تمت الهيمنة الفارسية على العراق ماذا
يمكن أن نتوقع أن يفعل الفرس من أفعال وتصرفات يريدون من خلالها أن يزيحوا كل ما
هو ينافي أفكارهم وأهوائهم ومعتقداتهم ويتركون ما يناسبهم ويتماشى مع رغباتهم من
مورثات إسلامية, أما ما موجود من موروث إسلامي يختلف ويتقاطع مع ما يعتقدون به
فانه سيملأ دجلة من جديد أو يكون حطبا لنار المجوس.
وهذا ما سيفعله تنظيم " داعش " إن
استولى واحتل العاصمة بغداد, لكن بطريقة مغايرة فهو سيحتفظ بما يعتقد به ويتلف ما
يختلف معه في العقيدة, وهنا يتوجب على كل المسؤولين والمهتمين بالتاريخ الإسلامي
ومن باب الحيطة والحذر أن يخرجوا كل هذه المخطوطات والكتب ويطبعوها وينشرونها
ويوزعنها على مختلف البلدان من اجل الحفاظ عليها.
وقد انبرى المرجع العراقي العربي السيد
الصرخي الحسني لهذه الدعوة التي تسعى للحفاظ على الموروث الإسلامي من كتب
ومخطوطات, وذلك في محاضرته العقائدية التاريخية الثامنة والثلاثون التي ألقاها بتاريخ 23 /5/
2015 م... حيث قال ...
{...نسال الله تعالى
أن يستر ويحفظ كل الشعوب العربية والإسلامية من خطر التكفيريين السنة والشيعة لأنه
لو وصلت لهذه الكنوز العلمية الفقهية العقدية العقائدية التاريخية الأصولية أيدي التكفيريين
لمزقوها شر ممزق ولأتلفوها وأحرقوها, لأنهم سيعتبرونها من الكتب الشركية واعتبروها
من الضلالات لأنها لا تماشي أهواء التكفيريين !! ... ونحن ندعو من هنا الى إخراج هذا
التراث كي لا يتلف كي لا يمحى كي لا نكون من المسببين في محاربة العلم والقضاء على
العلم والقضاء على التراث..فأدعو من يتصدى ويهتم لأمر الإسلام والمسلمين ولأمر العلم
والعلماء وللتاريخ والمؤرخين وللحضارة وللتراث، ندعوهم إلى التصدي لطباعة هذه الكتب
كي يستفيد منها الناس...}.
فليسمع
المهتمون بهذا الشأن ويضعون في بالهم هذا التساؤول, ماذا لو سقطت بغداد من جديد
بيد المليشيات أو الدواعش فماذا سيكون مصير هذه الكنوز الإسلامية ؟! نحن شاهدنا هؤلاء وهؤلاء كيف يفعلون ويصنعون
بالآثار وبالمتاحف وبالمكتبات من عمليات تخريب وحرق, فماذا سنتوقع منهم إن طالت
أيديهم هذه المخطوطات والكتب الإسلامية ؟!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق