احمد الملا
إن الأزمة الأمنية
التي عصفت بالانبار هذه الأيام, لم تأت من فراغ وإنما تقف خلفها أجندات خارجية, وهذا
ما لا يختلف عليه اثنان, وما يؤيد هذا الرأي هو التقدم السريع لتنظيم الدولة
" داعش " في المحافظة ويرافقه انسحاب القوات الأمنية والجيش, وهذا أمر يثير
الشكوك, فلماذا هذا الانسحاب ولماذا هذا التقدم ؟؟!! رغم إن داعش منذ سنوات وهو موجود
في محافظة الانبار ولم يتقدم بهذه السرعة وهذه الكثافة, فتقدمه هذا جاء على ضوء الانسحابات
وترك المواقع العسكرية وهذا أمر واضح جدا وإلا ما تجرأ هذا التنظيم الإرهابي على دخول
المحافظة واحتلال مركزها واغلب المدن حتى بات يهدد العاصمة بغداد.
إن أمر رئيس الوزراء
العراقي القاضي بدخول الحشد إلى محافظة الانبار والذي تزامن مع وجود وزير الدفاع الإيراني
في العراق, وكذلك إعلان الحشد استعداده لدخول المحافظة يجعلنا نحتمل ونرجح إن من يقف
خلف هذه الانسحابات والتراجعات لقوات الجيش والشرطة هي إيران والتي جعلت من التنظيم
" داعش " يحتل المحافظة ويعيث بالأرض الفساد, وبهذا إيران تجد لنفسها مسوغ
وعذر في خول المحافظة بعد إظهار ضعف الجيش وانكساره وانه لا حل إلا بدخول الحشد.
وبهذا تكون إيران
قد ضمنت دخول الحشد والمليشيات الموالية لها لهذه المحافظة والتي ستكون امتداد لمشروعها
الإمبراطوري, وتؤمن لنفسها منطقة واسعة ومفتوحة مع الحدود المملكة العربية السعودية
من أجل تشكيل تهديد عليها وهذا يأتي ضمن محاولة إيران تخفيف الضغط السعودي على الحوثيين
في اليمن جنوبا من خلال فتح جبهة شمالية, بالإضافة إلى فتح خط إمداد مع سوريا وضغط
على الاردن, وكذلك ضمنت إيران احتلال مدينة النخيب وبعيدا عن الإعلام الذي انشغل بأزمة
الانبار الأمنية, خصوصا إن سقوط المحافظة بيد التنظيم جاء بعد أزمة النخيب, كما إن
الأزمة في الانبار وما يرافقها من تبعات كأزمة النازحين أبعدت الإعلام عما يحدث في
إيران من ثورات وانتفاضات شعبية.
حقيقة إن هذا الفعل
يذكرنا بما قالته مرجعية السيد الصرخي الحسني العراقية في موقفها الذي صرحت به على
خليفة أحداث مدينة الاعظمية... حيث قالت ...
{... إن إيران
قالت وأعلنت إن العراق وليس بغداد فقط بل العراق كل العراق هو عاصمة إمبراطوريتها فليفهم
الجميع الكرد والسنة والشيعة، وكما قلنا ونبهنا وحذرنا مرات ومرات وضحينا من أجل العراق
والعراقيين فليتأكدوا أن إيران تسعى أولا وبالذات لكل العراق الجنوب والوسط والشمال
والشرقية والغربية، إيران تريد كل العراق فتسعى لتحقيق هذا بكل ما أوتيت من قوة لغرض
إشعال فتنة طائفية على غرار فتنة 2006 وبالتالي تستطيع إيران أن تفرض هيمنتها ونقل
ما يحصل من أزمة في المدن الإيرانية المنتفضة في كردستان إيران الى العراق وإشغال الرأي
العام والعالمي بأحداث العراق ...}.
وهذا ما يحدث بالفعل,
فإيران الآن تعمل وفق توسيع إمبراطوريتها ورسم حدودها وخلق الفتن في داخل العراق من
أجل هذا المشروع التوسعي, والعراقيين هم حطب لنار المشروع الفارسي, وما أزمة الانبار
إلا أمر دبر بليل من قبل إيران والمليشيات الموالية لها في العراق وكذلك بعض الساسة
المتواطئين والمتعاونين مع إيران ويخدمون مشروعها في العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق