الخميس، 12 مارس 2015

شذرات مضيئة في سفر مرجعية السيد الصرخي الحسني



احمد الملا

رغم كل الصعاب التي يمر بها الشعب العراقي, ورغم كل المعاناة التي يعيشها يوميا, في ظل الحكومات والسلطات المتعاقبة على حكمه, لكنه يبقى شعبا منتجا للعباقرة والمفكرين والمبدعين وفي كل المجالات, لكن من أهم الجوانب التي تبرز فيها الشخصيات التي تعتبر بمثابة كنز وطني قومي هو الجانب القيادي, والتي تضع بصمتها بكل حرفية ومهنية, من أجل تطور وتقدم البلد في كل الجوانب, فالعراق هو بلد العباقرة والفلاسفة والمفكرين والمحققين, وتاريخه حافل بأسماء طرزت سجل الإنسانية بكل ما يخدمها.
ومن بين تلك الشخصيات, مرجع ديني عراقي عربي, أثبت نفسه وبجدارة في الوسط العلمي, والديني, والسياسي, والوطني, والاجتماعي, من خلال ما يمتلكه من علمية فائقة, وفطنة, ووسطية, واعتدال, وحيادية في الطرح والنقاش, والدقة العالية في التحليل والتشخيص,  هذا المرجع هو السيد الصرخي الحسني, صاحب السفر الفريد من نوعه, ويمكن أن نطلع بصورة أكثر على سفر مرجعية السيد الصرخي الحسني من خلال مجموعة جوانب :
-                     الجانب العلمي :
يمتلك السيد الصرخي الحسني مجموعة كبيرة جدا من البحوث الأصولية والفقهية والبحوث العقائدية والتفسيرية والتاريخية والمنطقية, والتي كان لها الدور الكبير في رفد المكتبة الإسلامية بمادة علمية رصينة, بالإضافة إلى دورها في تحصين الفكر المسلم من الانحرافات والشبهات التي أصابت المجتمع المسلم بسبب الأفكار المنحرفة الدخيلة, ويضاف لتلك البحوث سلسلة المحاضرات العقائدية والتاريخية والأصولية التي كانت عبارة عن ثروة علمية هائلة, وهذا إن دل على شيء فأنه يدل على إن السيد الصرخي الحسني يمتلك علمية رصينة, وذهنية ممتازة, لدرجة انه اعجز جميع المتصدين لعنوان المرجعية في جانب النقاش والحوار العلمي.

-                     الجانب السياسي :
امتاز السيد الصرخي الحسني بالحنكة والفطنة السياسية الفريدة من نوعها, وما يؤكد ذلك هو خطاباته وبياناته التي أصدرها ويصدرها, خصوصا وإن العراق بلد غير مستقر سياسيا, لذلك كانت تدخلات السيد الصرخي الحسني مستمرة ومتوالية, فمع كل حدث و معترك سياسي كان له دور بارز جدا, فهو يشخص العلة بشكل دقيق ويعطي السبل والطرق الموضوعية للعلاج, وكانت تدخلاته تمتاز بالوسطية والاعتدال والحيادية البعيدة عن الميل والركون إلى الطائفة والمذهب, بل كان خطابه وطني عراقي شامل لا يختص بطائفة دون أخرى أو بمكون دون آخر.

أزمة الأنبار والرمادي أنموذجا :
بعد إن تفاقمت الأوضاع في العراق في عام 2014 م وأصبحت هناك تظاهرات ووقفات احتجاجية تطالب الحكومة العراقية بزعامة المالكي بالتغيرات والتعديلات الدستورية, واستخدام الحكومة القوة المفرطة في التعامل مع المتظاهرين خصوصا في محافظة الأنبار, حيث قمع المتظاهرون وبصورة وحشية, حتى تطور الأمر وأصبحت المواجهة المسلحة هي الخيار الوحيد, اتخذ جميع المتصدين لعنوان المسؤولية جانب الصمت والسكوت, إلا السيد الصرخي الحسني فقد طرح مبادرة لإيقاف سفك الدماء في الرمادي والفلوجة وفي بقية المحافظات المنتفضة من خلال دعوته لأطراف الصراع – الحكومة وقادة التظاهرات – ممن يمسكون بزمام الأمور للجلوس إلى طاولة الحوار والنقاش ووضع نفسه موضع الواسطة وحلقة الوصل بين الطرفين.

-                     الجانب الوطني :
يعتبر السيد الصرخي الحسني من أبرز وأهم الشخصيات الوطنية العراقية, التي نالت استحسان وقبول ورضا كل جهة وطنية عراقية, وذلك لما يمتاز به من خطاب وطني معتدل, وكذلك رفضه لكل التدخلات الأجنبية سواء كان غربية أو شرقية, ورفضه لكل المشاريع الطائفية والتقسيمية التي يراد تطبيقها في العراق, فكان أول الرافضين لمشروع الفيدرالية, ومن أشد المعارضين والمحاربين للطائفية, حتى انه قدم القرابين والتضحيات من أجل ذلك, فبسبب مواقفه تلك, تعرض هو وأتباعه للاعتداء في صيف 2014 حيث استخدمت الآلة العسكرية بكل أصنافها وأنواعها وحدثت مجزرة كربلاء 1 / تموز / 2014م , لأنه رفض فتوى الجهاد التي كان لها دور كبير في إيقاظ الفتنة الطائفية في العراق, بالإضافة إلى خطاباته وبياناته التي تمتاز بالروح الوطنية العالية التي تحث الفرد العراقي على حب العراق والولاء له.

الفتنة الطائفية العراقية مثالا :
مر ويمر العراق بفتنة وصراع طائفي مقيت, أوجدته دول اقليمية وشرقية وغربية, الهدف منه هو الاستحواذ والسيطرة على العراق وثرواته وخيراته, وكان جميع المتصدين ومن كلا المذهبين – السني والشيعي – قد ركنوا إلى الميل المذهبي والطائفي, فأصبح الخطاب هو الخطاب الطائفي, هذا سني وذاك شيعي, هذا كردي وذاك عربي, وصدرت الفتاوى التي زادت الطين بله, وعمقت الهوة الطائفية في العراق, إلا السيد الصرخي الحسني الذي اعتمد الخطاب الوطني العراقي الشامل, الخطاب القومي البعيد كل البعد عن الطائفية والمذهبية, وثبت مبدأ الهوية العراقية هي الأساس والأولى, فلا هوية طائفية ولا مذهبية, وحرم الدماء العراقية بغض النظر عن دينها وطائفتها وقوميتها, فكان خطابه هو الخطاب الوطني الشامل العراقي الذي أصبح بمثابة جدار صد بوجه الخطابات الطائفية التي أحرقت العراق, وصار حجر عثرة بوجه المشاريع الطائفية, فأصبح السيد الصرخي الحسني محط أنظار كل عراقي وطني غيور.

-                     الجانب الجهادي :
عرف السيد الصرخي الحسني برفضه الاحتلال وكل أشكاله, فكان ومازال هو من اشد الرافضين لكل التدخلات الخارجية في الشأن العراقي, خصوصا التدخلات الإيرانية أو الأمريكية, وكانت نتيجة هذا الرفض هو الاعتداء من قبل قوات الاحتلال الأمريكي في عام 2004م على داره في كربلاء المقدسة,  وتكرر هذه الاعتداء سنة 2014م على يد القوات الحكومية المدعومة بمليشيات إيرانية, ولا ننسى جملة كبيرة من الاعتداءات على مرجعيته في الحافظات العراقية الأخرى, كما حصل في عام 2012 عندما جرفت الحكومة العراقية جامع السيد محمد باقر الصدر في محافظة ذي قار, وكذلك حرق العديد من الجوامع والحسينيات والمكاتب الشرعية, والسبب في ذلك هو رفضه لكل أشكال الاحتلال وكل ما ترشح منه.

وسبق هذا كله عرف السيد الصرخي الحسني بمقارعته للنظام السابق ورفضه للسياسة التي كان يتبعها النظام, حتى اضطر النظام السابق إلى سجن السيد الصرخي الحسني أكثر من مرة وكان أخرها الحكم عليه بالإعدام, لكن شاء الله وسقط النظام وخرج السيد الصرخي الحسني, ليخط للعراقيين سفرا مضيئا يشع بنور الوطنية والعراقية ورفض التبعية والاحتلال, ويرسم لهم خارطة ومنهاجا يرتحلون من خلاله إلى حياة الرفاهية والحرية والكرامة التي سلبها منهم أعداء العراق.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق