احمد الملا
إن ما يجري في فلسطين من صراع تجاوز نصف قرن بين
المحتل المغتصب العدو الإسرائيلي كانت بداياته واللحظات الأولى له هي خطوات تشبه إلى
حد ما يجري في العراق, فقد اعتمد العدو الإسرائيلي في أول دخول له إلى الأراضي
الفلسطينية واجتياحها على بعض الأفراد ممن خان الوطن والأرض والعرض والدين
والعروبة ممن كان يشكل الطابور الخامس في الأراضي الفلسطينية, مما ساعد العدو الإسرائيلي
بالدخول والاحتلال واخذ عنوان الشرعية من هؤلاء الخونة لكي يوطن ويثبت قدمه في
قدسنا العربية.
يضاف إلى ذلك هي خيانة من يسمون أنفسهم شركاء
العروبة والإسلام ويدعون الإخوة رغم محاولات خجولة سعت لتحرير الأرض المحتلة لكن
نتيجتها هي فتحت السفارات الإسرائيلية في تلك الدول, تحشدت القوات العسكرية العربية
في حروب الستينات وبداية السبعينات ضد الكيان الصهيوني, لكن نجحت إسرائيل ومن خلال
يدها الضاربة أمريكا إن تحتوي القيادات العربية وترضخ لإرادة إسرائيل وتركت فلسطين
تعاني الآمرين, مرارة الاحتلال ومرارة الخيانة وخذلان الناصر والمعين.
وبعد ذلك كله زرع الكيان الإسرائيلي الفرقة
والطائفية بين فصائل المقاومة الفلسطينية لكي يتحول الصراع من صراع ضد المحتل إلى
صراع الإخوة والأشقاء خصوصا بعد ما لمحت لهم بالإغراءات والمكاسب, مما ساهم في
توسع وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي من جهة وإضعاف جبهة المقاومة الفلسطينية بسبب
الصراع في ما بينها, وهاهي اليوم فلسطين تعيش العزلة والتوحد والانفراد بالمآسي
والويلات وسفك الدماء وانتهاك الأعراض وامتهان كل الحريات والأعراف والقيم الإنسانية
دون أن ينتبه أو يحس بها من يسمون أنفسهم رعاة الحرية أو من يسمون أنفسهم بمسلمين –
حكومات ورموز عربية – حتى صار ما حصل في فلسطين منهج وتجربة عرف من خلالها الغرب
وحتى الشرق كيف تتم السيطرة على الوطن العربي.
فتكررت التجربة الآن في العراق, لكن باحتلال
جديد وهو ما يسمونه داعش الذي أصبح ذريعة لدخول قوات وتشكيلات عسكرية ومليشياوية –
سواء شرقية أو غربية – مع تمهيد من قبل الخونة من داخل العراق من رموز وقيادات
دينية وسياسية أعطت الشرعية لتواجد هكذا قوات تقتل وتسفك الدماء وتهجر وتنتهك
الحريات, وقبل ذلك زرعت الفرقة والطائفية بين أبناء البلد الواحد حتى صار التسلل
والدخول إلى العراق والتحكم بشعبه سهل جدا, فكأن التجربة التي طبقت قبل أكثر من
نصف قرن في فلسطين يتكرر مشهدها اليوم في العراق, فها هي اليوم القوات العسكرية
تتحشد لتحرير العراق من داعش فهل يا ترى كيف سيكون هذا التحرير ؟! هل سيجعل العراق
منقسما على نفسه ويصبح كل جزء منه تابع لدولة شرقية أو غربية ؟! أم سيكون هذا
التحرير هو عبارة عن هيمنة وسيطرة دولة غربية او شرقية على كل العراق ويكون العراق
فلسطين جديدة ؟! أم سيكون للعراقيين كلمة أخرى تخالف كل التوقعات؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق