السبت، 7 يونيو 2014

وقفة تحليلة في بعض أراء ابن تيمية



كثر هم من يكنون العداء والبغض لعلي عليه السلام واتباعه ومواليه ومحبيه, حتى وصل الامر بتكفيرهم وتحليل دمائهم واستباحة اعراضهم وانتهاك مقدساتهم لا لشيء سوى لإظاهر حبهم لعلي والتمسك به وبموالاته, وهذا هو جزء من السنة الشريفة حسب ما يعتقد به الامامية الاثني عشرية ومايعتقد به غيرهم من بقية الطوائف والمذاهب وبالذات اتباع الشيخ الحراني ابن تيمية الذي كفر الشيعة الامامية الاثني عشرية وبالغ في تكفيرهم والسبب في ذلك انهم – حسب ادعائه يسبون الخلفاء والصحابة – فأصبح التعامل مع الاثني عشرية تعامل عام حتى حسب عليهم المغالين امثال ابن سبأ ومن سار على نهجه ومرجعيات السب الفاحش, فأصبح التكفير عام لكل الشيعة بدون أي استثناء اوتمييز, فكل من يظهر حب علي ويتمسك بموالاته يعتبر كافرا, وما اقوال ابن تيمة في حق شيعة علي الا خير شاهد وهي كثيرة.
لكن بنفس الوقت نجد ان ابن تيمية يقر ويقول بان السنة الحقيقية لا تكتمل الا بحب علي واظاهر موالته والتمسك به فهي نصف السنة والنصف الاخر هو اقامة الصلاة في وقتها, وهذا ما ذكره في كتابه منهاج السنة النبوية (6 / 201):
{وَقَدْ كَانَ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ مَنْ يَسُبُّ عَلِيًّا، وَيَجْهَرُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَجْلِ الْقِتَالِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. وَكَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ تُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، فَكَانَ الْمُتَمَسِّكُ بِالسُّنَّةِ يُظْهِرُ مَحَبَّةَ عَلِيٍّ وَمُوَالَاتَهُ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَوَاقِيتِهَا. حَتَّى رُئِيَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ، وَهُوَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: شَيْخُ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ، بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَافَظَتِي عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَوَاقِيتِهَا. أ.هـ .}.
وهنا الكلام واضح وجلي من قبل ابن تيمية في حق الامام علي عليه السلام, فابن تيمية لم يقل ان حب احد الخلفاء الثلاثة من السنة وانما قال من كان متمسك بالسنة يظهر حب علي وموالاته واقامة الصلاة فقط وفقط ولم يذكر امر ثالث, وهنا تكون مسألة الدفاع والذود والذب عن الامام علي اولى من غيره من الخلفاء والصحابة, لأن بقية الخلفاء والصحابة سوف يكون دخولهم الجنة ونيلهم مغفرة الله سبحانه وتعالى ورحمته مشروطا بتمسكهم بإظهار حب علي وموالاته واقامة الصلاة, فانتفاء احد هذين الشرطين ينفي الشفاعة والرحمة عن المتخلي عن احدهما.
والان لنرى كيف اظهر ابن تيمية حبه لعلي عليه السلام وتمسك بموالته: -
-يقول ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ( ج 4 / ص 499-500)
( ثم يقال لهؤلاء الرافضة: لو قالت لكم النواصب : علي قد استحل دماء المسلمين, وقاتلهم بغير امر الله ورسوله على رياسته. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"سباب المسلم فسوق, وقتاله كفر" . وقال :" لاترجعوا بعدي كفارا  يضرب بعضكم رقاب بعض". فيكون علي كافرا لذلك- لم تكن حجتكم اقوى من حجتهم, لان الاحاديث التي احتجوا بها صحيحة. وأيضا فيقولون : قتل النفوس فساد, فمن قتل النفوس على طاعته كان مريدا للعلو في الارض والفساد, وهذا حال فرعون والله تعالى يقول {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }القصص83, فمن اراد العلو في الارض والفساد في الارض لم يكن من اهل السعادة في الاخرة. وليس هذا كقتال الصديق للمرتدين ولمانعي الزكاة, فإن الصديق انما قاتلهم على طاعة الله ورسوله, لا على طاعته...)
وهنا أسأل ابن تيمية ومن يؤيده بالرأي, من هم النواصب ؟؟ وكيف يدافعون عن ابو بكر الصديق ويقدحون في علي ويكفرونه؟ بمعنى اخر انك تقول ان النواصب هم شيعة ابو بكر وعمر؟؟ وهذا اعتراف منك بنصبهم العداء لاهل البيت, والدليل رأيهم في ابو بكر وهذا رأيهم في علي؟! أليس ابن تيمية هو من هؤلاء المحتجين والمعترضين على علي عليه السلام ؟؟!! ثم كيف يكون الدفاع أولى وأوجب عن ابو بكر وعمر من الدفاع عن علي ؟؟ أليس إظهار حب علي والتمسك بموالاته هو المنجي وهو المخلص وبه تحصل المغفرة ؟؟!! هل هذا هو موقف ابن تيمية من حب علي وموالاته؟ يتهمه بالكفر بل يكفره ويتهمه بانه قاتل المسلمين لاجل طاعته لا لاجل الله سبحانه وتعالى؟؟!! ويشبهه بفرعون ؟؟!! كما نلاحظ انه يجرد علي حتى من لقب الخلافة او الامامة بينما بقية الخلفاء فانه يذكرهم بالالقاب ؟؟!! هل هذا هو حب علي وموالاته في نظر ابن تيمية ؟؟!!.
وقد يعترض معترض من اتباع وشيعة وموالي ومحبي ومريدي ابن تيمية بان هذا الكلام ليس كلام ابن تيمية وانما هو ينقل ما قد يطرحه المعترضين من النواصب وليس رأيه, وهنا أسأل ماهو تعريفكم او تعريف ابن تيمية للنواصب؟ ومن هم؟ هل هم شيعة ابو بكر؟ ام شيعة عمر؟ ام شيعة عثمان؟ ام شيعة علي؟ أم النواصب هم المسلمون عموما ؟ فان كان الجواب هو احد الفرق او كلها بالمجموع, فأي فرقة تنتمي اليها يا شيخنا يا ابن تيمية؟ ثم هذا الكلام الذي جاء في مناهجك بماذا تفسره؟ والسؤال ايضا موجه الى من تبنى فكر ابن تيمية ....
يقول ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ( ج4/ ص 501)
(واعلم ان قتال  طائفة من الفقهاء من اصحاب ابي حنيفة والشافعي واحمد جعلوا قتال مانعي الزكاة وقتال الخوارج جميعا من قتال البغاة, وجعلوا قتال الجمل وصفين من هذا الباب. وهذا القول خطأ مخالف لقول الائمة الكبار, وهو خلاف نص مالك واحمد وأبي حنيفة وغيرهم من أئمة السلف, ومخالف للسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم, فإن الخوارج أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم, واتفق على ذلك الصحابة. واما القتال بالجمل وصفين فهو قتال فتنة, وليس فيه امر من الله ورسوله ولا اجماع من الصحابة. واما قتال مانعي الزكاة إذا كانوا ممتنعين عن أدائها بالكلية, أو عن الاقرار بها, فهو أعظم من قتال الخوارج.)
ولانعرف كيف اصحاب ابي حنيفة والشافعي واحمد يخالفون احمد وابي حنيفة ؟ هذا اولا, ثانيا ماهو الدليل على ان هؤلاء خالفوا اصحابهم؟ ثالثا وهذا امر مهم جدا ان قتال الفتنة ألا يعتبر من ضمن قتال الخوارج ؟ اليس من خرج ليقاتل علي في صفين والجمل هو خارج عن طاعة خليفة الله الرابع علي عليه السلام ؟ ثم كيف انه لا يوجد في قتال الفتنة - مع فرض التسليم انه قتال فتنة – وماهو تفسير هذه الاية الكريمة {سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء91؟؟؟.
وهذا الرأي عجيب غريب؟؟!! المهم نأخذ منه ان ابن تيمية يؤيد ما يطرحه النواصب وهو طرح فرضي من عنده ومع هذا يؤيده ويؤكد عليه ويتبناه بشده, والقول الاخر لابن تيمية الذي يؤكد انه هو من يتبنى مسألة تكفير علي وانه قاتل من أجل الحكم والسلطة وليس من أجل طاعة الله هو ...
قوله في منهاج السنة النبوية (ج 8/ ص 329- 330)
(فان جاز أن يطعن في الصديق والفاروق, أنهما قاتلا لأخذ المال, فالطعن في غيرهما اوجه. فإذا وجب الذب عن عثمان وعلي, فهو عن أبي بكر وعمر أوجب. وعلي يقاتل ليطاع ويتصرف في النفوس والاموال, فكيف يجعل هذا قتالا على الدين ؟ وأبو بكر يقاتل من ارتد عن الاسلام, من ترك ما فرض الله, ليطع الله ورسوله فقط, ولا يكون هذا قتالا على الدين؟).
فهذا الكلام علامَ يدل ؟ والى ماذا يشير ؟؟ أليس ان ابن تيمية هو متبني لهذه الفكرة وهذا الرأي بان علي عليه السلام (حشاه الله) كافرا ومثله كمثل فرعون وانه قاتل من أجل ان يطاع هو لا من أجل طاعة الله ورسوله؟!! وانه استحل واستباح المسلمين وهو بهذا خالف قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟  وهذا ماتبناه وأكد وسار وأسس وجذر له ابن تيمية, هكذا يتمسك ابن تيمية بالسنة الشريفة التي نصفها وكما يقول اظهار حب علي والتمسك بموالاته, فهل هكذا يظهرها ابن تيمية ويتمسك بها ؟؟ بل انه البغض والحقد والكراهية لأهل البيت سلام الله عليهم.
يقول السيد الصرخي الحسني في محاضرته العقائدية التاريخية العشرون : ابن تيمية يعادي اهل البيت اكثر من معاداة ابليس لهم ...

الكاتب :: احمد الملا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق