- قال العلي الأعلى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ
هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } الممتحنة6 .
- قال جلت قدرته
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ ...}
الممتحنة 4 .
- قال سبحانه وتعالى
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو
اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21.
فمن هذه الموارد
القرآنية الشرعية نلاحظ وبكل وضوح ضرورة التأسي بالأنبياء والرسل في كل مجالات الحياة
لغرض نيل مرضات الله سبحانه وتعالى, وكذلك تحقيق الخير والصلاح في الحياة الدنيا, لأن
سيرة وحياة الأنبياء والرسل وأهل بيت الرسالة عليهم سلام الله أجمعين تعتبر دستورا
منظما بصورة دقيقة جدا, فأي حياة منظمة بشكل أفضل من حياة معصوم أو نبي مرسل ؟ كما
إن التأسي بهم يجعل الفرد المتأسي بهم يكون على قدر عالي من المعرفة والإدراك في تشخيص
الحق وإتباعه والسـير عليه, وذلك من خلال اخذ العظة والعبرة من سيرة حياتهم سلام الله
عليهم .
لكن هذا الأمر
لا يعجب الكثيرون ممن يسعون إلى نيل السلطة والزعامة سواء كانت دينية أو سياسية لذا
نجدهم يحاربون ويمنعون السير والتأسي بسيرة الأنبياء والرسل والمعصومين سلام الله عليهم,
ولأنهم لا يستطيعون أن يحاربوا هذا الأمر بشكل واضح مما يكشف حقيقتهم وزيفهم, أخذوا
يستخدمون طرق ملتوية وترويج لأفكار ما أنزل الله بها من سلطان, حيث صوروا للناس أن
التأسي بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبأهل بيته الطاهرين عليهم سلام
الله جعلوه خطا أحمر لا يمكن الوصول له!!! بقولهم ( ذاك شخص معصوم ونحن أناس بسطاء,
ومستحيل أن نكون مثلهم في أبسط الأمور ).
وهذا أمر له تسير
واحد لا غير وهو أن مثل هؤلاء ممن " حرم " التأسي بالرسول الكريم وأهل بيته
الطاهرين عليهم سلام الله أجمعين, في هذا التصرف يعبرون وبكل وضوح عن مدى إفلاسهم من
كل شيء كان موجودا في حياة أحد المعصومين أو الأنبياء والرسل, لا جاه ولا منصب إلهي
ولا علم ولا جهاد ولا زهد ولا ورع ولا تقوى ولا أي شيء يوصلهم على الأقل لمكانة قريبة
من مكانة الأنبياء أو الرسل أو المعصومين, ومن اجل الوصول إلى مناصب الدنيا والسعي
خلف مغرياتها أخذوا يروجون للنهي عن الأسوة والتأسي بالرسول الكريم وأهل بيته الطاهرين
.
يقول السيد الصرخي
الحسني " دام ظله " في محاضرته الخامسة التي تقع ضمن سلسلة ( محاضرات التحليل
الموضوعي في التاريخ والعقائد الإسلامية ) التي تدور حول شخصية المختار الثقفي وثورته
ومبادئها وعقيدته مع مناقشة أراء العلماء والمحققين في تلك الشخصية, يقول سماحته"
دام ظله"
{...في بداية القضية
والدعوى في زمن النظام السابق لما كان بعض الأشخاص يأتون للسؤال ويذهبون, هذا نهج السؤال
والاستفهام والتحقيق تعلمناه من السيد الصدر الثاني رحمة الله عليه, فصار الناس تسأل
وتتحقق حتى تبرئ ذمتها أمام الله سبحانه وتعالى, لما يذهبون إلى شخص يقولون له عنوان
المناظرة, يرفض المناظرة, يقولون له النبي صلى الله عليه وآله ناظر, الإمام ناظر, يقول
لك الإمام أو النبي معصوم سلام الله عليه, لما تقل لهم مثلا نظام صدام عمل كذا وهذا
ظلم ومن قتل السيد وله مواقف سلبية ومجتمع, فيقول لك هذا عندي جانب تقية, تقول الإمام
سلام الله عليه خرج وحكا في القضية الفلانية
والإمام الحسين خرج, يقول لك ذاك معصوم, تحكي بالعلم, يقول لك ذاك معصوم, تحكي بالجهاد
يقول لك ذاك معصوم, تحكي بالأكل والشرب والزهد يقول لك ذاك معصوم, إذن أين الأسوة ؟
الأسوة بالنبي؟! يعني هذه موارد الأسوة يكون على نحو اللغوِ, إذا كل شيء تقول معصوم
معصوم معصوم, فحكم الأمثال في ما يجوز وما لا يجوز واحد, التأسي بأهل البيت سلام الله
عليهم هو مورد عام, إلا في موارد خاصة هي نعتكف بها أو نعتذر بها بعنوان تقية, أما
ليس كل شيء كل جبن كل خنوع كل خيانة كل سرقة كل تكالب على الأموال وعلى المناصب والسمعة
والوجاهة نركن ونعتذر بعدم التأسي لان الإمام معصوم ونحن لسنا بمعصومين ...}.
وهذا الكلام دليل
حي على ما يعيشه المجتمع المسلم اليوم بسبب زعامات دينية تعمل لأجل مصالحها ومكاسبها
الشخصية النفعية الدنيوية, وجعلت خطا أحمر بين الإنسان المسلم وبين رسوله وإمامه, بحجة
أنه الرسول والإمام معصوم والإنسان بسيط لا يقدر أن يقوم بفعل مشابه لفعل المعصوم,
الأمر الذي أعطى الفسحة والمجال لتلك الشخصيات الدينية أن تصل إلى مبتغاها بتلك الطريقة
الملتوية .
الكاتب :: احمد الملا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق